قلت قد شهد معاوية من فضل علي عليه السلام بما كان يعرف أضعافه ورأى مع ذلك عصيانه ومنابذته وخلافه وناصبه العداوة حتى قتل بينهما ألوف متعددة واستمر على سبه على المنابر بهمة لا وانية في ذلك ولا مترددة وأوصى على الاستمرار عليها بنيه وبنى أبيه واتخذها سنة جرى على بدعتها هو ومن يقتفيه إلى أن أجرى الله رفعها على يد عمر بن عبد العزيز رحمه الله فوفقه الله لصوابها وهداه إلى ثوابها وأنجاه من أليم عذابها ووبيل عقابها.
ثم إن معاوية يجعل عذره فيما صنع واعتماده في الفتنة التي خب فيها ووضع وعصره في الدماء التي أراقها وملاذه في النار التي وراها وقوى إحراقها الاعتماد على رحمة الله ولعمري انها قريبة من المحسنين فأين إحسانه وحاصله لصالحي المؤمنين فأين صلاحه وإيمانه وشفاعة نبيه معدة للمذنبين أفيشفع له وهذا شأنه هيهات انها من أماني النفوس الكاذبة وتعللاتها الباطلة الخائبة:
حملوها يوم السقيفة أوزارا * تخف الجبال وهي ثقال ثم جاؤوا من بعدها يستقيلون * وهيهات عثرة لا تقال وحدث الزبير عن رجاله قال قدم ابن عباس على معاوية وكان يلبس أدنى ثيابه ويخفض من شأنه لمعرفته أن معاوية كان يكره إظهاره لشأنه وجاء الخبر إلى معاوية بموت الحسن بن علي عليهما السلام فسجد شكرا لله تعالى وبان السرور في وجهه في حديث طويل ذكره الزبير وذكرت منه موضع الحاجة إليه وأذن للناس وأذن لابن عباس بعدهم فدخل فاستدناه وكان قد عرف بسجدته فقال له أ تدرى ما حدث بأهلك قال لا قال فان أبا محمد عليه السلام توفى رحمه الله فعظم الله لك الأجر فقال إنا لله وإنا إليه راجعون عند الله نحتسب المصيبة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعند الله نحتسب مصيبتنا بالحسن بن علي رحمه الله أنه قد بلغتني سجدتك فلا أظن ذلك إلا لوفاته