رسول الله صلى الله عليه وآله وقد شاهد كبراء الصحابة والمهاجرين يحتاجون إليه في الحوادث، ولم يحتج إلى أحد منهم حتى خرج من الدنيا، وأما عبد الله بن عباس رحمه الله فضارب معه بسيفين وشهد حروبه وكان فيها رأسا متبعا وقائدا مطاعا، فلو كانت إمامته جورا كان أول من يقعد عنه أبوك لعلمه بدين الله وفقهه في أحكام الله، فسكن المهدى وخرج شريك فما كان بين عزله وبين هذا المجلس إلا جمعة أو نحوها.
وعن الزبير عن رجاله عن الحسن البصري أنه قال: أربع خصال في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة، ابتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذووا الفضيلة واستخلافه ابنه يزيد من بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زيادا قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجر بن عدي وأصحابه، فيا ويله من حجر وأصحاب حجر، قلت: هذا الخبر وإن لم يكن من غرض هذا الكتاب لكن ساق إليه ما بينهما من أمر ما - وابتزاؤه: توثبه، وبزه يبز بزا: سلبه، وابتزها:
سلبها، والعهر: الزنا، وعهر فهو عاهر والاسم العهر بالكسر -.
وعلى هذا حدث الزبير عن رجاله قال: قال مطرف بن المغيرة بن شعبة وقدت مع أبي المغيرة على معاوية وكان أبى يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلى فيذكر معاوية ويذكر عقله ويعجب بما يرى منه إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتما منذ الليلة، فانتظرته ساعة وظننت أنه لشئ قد حدث فينا وفى علمنا، فقلت: مالي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بنى جئت من عند أخبث الناس، قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له - وقت خلوت به -: إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فإنك قد كبرت،