مكة وولاه (المتوكل) القضاء بها بعد أبيه ومات وهو قاضيها، ودخل بغداد عدة دفعات آخرها سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وكان فتى في شعره ومروته وبطالته مع سنه وعفافه، ومثل هذا على صدقه عندهم إذا روى شيئا يكون صحيحا قطعا، لان الزمان قديم، والمخبر صدوق، والمصنف له متعنت، وكيف يقدم على تصنيف كتابه باسمه وفيه ما يناقض مذهبه ويخالف عقيدته، ويجبه برده عليه ما قد عقد عليه خنصره، وجعله دينه الذي يرجوا به الفوز في آخرته.
حدث الزبير بن بكار قال: حدثني عمى مصعب عن جدي عبد الله بن مصعب، قال: تقدم وكيل المؤنسة إلى شريك بن عبد الله القاضي مع خصم له فإذا الوكيل مدل بموضعه من مونسة، فجعل يسطو على خصمه ويغلظ له، فقال له شريك: كف لا أم لك، فقال: أو تقول لي هذا وأنا قهرمان مونسة؟! فقال: يا غلام اصفعه فصفعه عشر صفعات فانصرف بخزي، فدخل على مونسة فشكا إليها ما صنع به، فكتبت رقعة إلى المهدى تشكو شريكا وما صنع بوكيلها فعزله وكان قبل هذا قد دخل إليه فأغلظ له الكلام وقال له: ما مثلك من يولى أحكام المسلمين، قال: ولم يا أمير المؤمنين؟ قال:
لخلافك الجماعة ولقولك بالإمامة، قال: ما أعرف دينا إلا عن الجماعة فكيف أخالفها وعنها أخذت ديني، وأما الإمامة فما أعرف إماما إلا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فهما إماماي وعليهما عقدي، فأما ما ذكر أمير المؤمنين ان ما مثلي يولى أحكام المسلمين فذلك شئ أنتم فعلتموه فان كان خطأ وجب عليكم الاستغفار منه، وإن كان صوابا وجب عليكم الامساك عنه.
قال: ما تقول في علي بن أبي طالب عليه السلام؟ قال: ما قال فيه جدك العباس وعبد الله، قال: وما قالا فيه؟ قال: أما العباس فمات وهو عنده أفضل أصحاب