المتعبد فان وجد أحد فيه نقصانا يعذرنا ما ذكرناه من العجلة وضيق الأوقات وان وجد فيه تماما ورجحانا فليشكر الله جل جلاله وحده فإنه جل جلاله الذي وهبنا القدرة على ذلك وفتح عيون الإرادات للمرادات.
أقول وإذا وقفت على كتابنا هذا فلعلك تجد فيه من الهداية إلى جلاله والدلالة على وجوب العناية باقباله وكشف طريق التحقيق لأهل التوفيق ما يدلك على أن هذا ما هو من كسبنا واجتهادنا بل هو ابتداء من فضل المالك الرحيم الشفيق.
فإذا انتفعت بشئ من تلك الأقوال والأعمال فاقتصر على الشكر لله جل جلاله وتعظيم ذلك الجلال ولا تشتغل عنه بذكرى ولا شكري فيكون ذلك اشتغالا منك بالمملوك عن المالك ومخاطرة منك في المسالك وتعرضا للمهالك فإنه جل جلاله قال ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد ابدا وقال جل جلاله وما بكم من نعمة فمن الله وقد تحقق مملوكه مؤلف هذا الكتاب الذي خلقه سبحانه من العدم ونقله إلى القوة بعد الضعف والقلة انه لولا فضل مولاه عليه ورحمته له ما وصل إلى شئ مما وصل إليه مما دله عليه ابدا وان ما به من نعمة فمن فضل ذلك المالك المعبود ومن أبواب الرحمة والجود.
فإذا اتفق المالك والمملوك على صحة هذه الحال فكيف تخالفهما أنت في المقال وتقول انها من فضل المملوك الذي خلق من تراب وطين وحماء مسنون وماء مهين ونطفة وعلقة ومضغة وجنين وراضع ويافع وفى كل الطبقات كان هذا المملوك جاهلا لذاته لولا أن موليه تفضل عليه برحماته ثم تمم ما كان تفضل به وانعم وعلم الانسان ما لم يعلم.