وظهر لك بذلك ان كنت قابلا للالطاف أو مريدا للانصاف ان اختيارات العباد غير المعصومين لا تقوم بها الحجة البالغة عليهم لسلطان العالمين وانها لا تكفيهم في أمور الدنيا وحفظ الدين وانه لابد من رئيس يتولى الله جل جلاله بلطفه وعطفه تهذيب اختياره وتأديب أسراره وتكميل صفاته ويكون هو جل جلاله من وراء حركات ذلك المعصوم وسكناته يمدها بالعنايات الباطنة والظاهرة ويرعاها بالهدايا المتناصرة كما كان من وراء تدبير الأنبياء والمرسلين ومن وراء تدبير من جعله رسولا من الملائكة والمقربين وهذا واضح لا يخفى على ذوي الألباب.
ويكون ذلك المعصوم هو الحجة لسلطان يوم الحساب وقوله وفعله عليهم السلام هو القدوة التي لا تحتمل اختلاف التأويلات وهو الكاشف عن مراد الله جل جلاله بالآيات والروايات.
وبعد فإنني لما رأيت بما وهبني الله جل جلاله من عين العناية الإلهية في مرأت جود تلك المراحم والمكارم الربانية كيف أنشأني ورباني وحملني في سفن النجاة على ظهور الاباء وأودعني في البطون وسلمني مما جرى على من هلك من القرون وهداني إلى معرفته وهو ربى الذي يقول للشئ كن فيكون ونظرت به جل جلاله في معنى تاريخ ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون وعرفني مراده جل جلاله منى وكاشفني عقلا ونقلا عما يرضيه عنى وجدت المنة له جل جلاله في هدايتي بسعادتي في اخلاص العبادة لذاته من غير تعلق خاطر بطلب هباته أو خوف نقماته.
وتيقنت انه جل جلاله ملك حياتي ولم يزل أحق بها منى وكان جل جلاله اهلا لان يشغلني عظم جلاله واقباله عنى وهل كان للألباب