وتشريفهم بخدمته ومراقبته وكان آرائهم وأهوائهم مفسدة لتدبيره كما نطق به كتابه المصون في قوله جل جلاله ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماء والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون وجب ان يكون لهم ما يمنع أهوائهم من الفساد ويقمع آرائهم عن هلاك أنفسهم والعباد على كمال صفات الحق الذي لو اتبع أهوائهم لفسدوا وهذه صفة المعصوم الذي يلزمهم ان يهتدوا به ويقتدوا وكيف تكون آرائهم وأهوائهم كافية في تدبير أمور الدنيا والدين وهو جل جلاله يقول ولا يزالون مختلفين.
ولقد أوضح جل جلاله بما استدرك على بعض اختيارات جماعة من الأنبياء والمرسلين ان من يكون دون المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين لا يقوم الحجة باختيارهم على الكشف واليقين كما جرى لآدم عليه السلام في اختياره الاكل من الشجرة بما تضمنه صريح الآيات وجرى لداود عليه السلام فيما نطق به القرآن في بعض المحاكمات وما جرى لموسى عليه السلام في اختياره سبعين رجلا من قومه للميقات فإذا كان هذا اختيار أنبياء قد بلغوا من المكاشفات والعنايات غايات ونهايات وقد احتاجوا إلى استدراك الله جل جلاله عليهم بل لهم في بعض المقامات.
فكيف يكفي تدبير من هو دونهم في كمال التدبيرات والإرادات وإذا اعتبرت اختلاف أهل الأمانة والورع والاجتهاد من ساير فرق المسلمين العلماء منهم والزهاد وجدتهم مختلفين في تفسير أكثر مراد الله جل جلاله من آيات الكتاب والسنن والآداب وعلمت ان كثيرا من المختلفين في هذه الأسباب ما عاندوا ولا كابروا في ترك الصواب وانما كثر الآيات والروايات محتملات لبعض ما وقع من اختلاف التأويلات.