كان مالك إذا ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم على ما ترون ولقد كنت أرى
محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد سأله عن حديث أبدا إلا يبكى حتى نرحمه ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذكر عنده
النبي صلى الله عليه وسلم أصفر وما رأته يحدث عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة، ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال إما مصليا وإما صامتا وإما يقرأ
القرآن ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله عز وجل، ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر
النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم وقد جف لسانه في فمه هيبة منه
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد كنت آتي عامر بن
عبد الله بن الزبير فإذا ذكر عنده
النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع، ولقد رأيت الزهري وكان من أهنأ الناس وأقربهم فإذا ذكر عنده
النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفك ولا عرفته، لقد كنت آتي
صفوان بن سليم وكان من المتعبدين
____________________
(قوله الدعابة) بالدال المهملة المضمومة هي المزاح (قوله ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم) يعنى ابن محمد بن أبي بكر الصديق ولد زمن عائشة كان أفصل أهل زمانه (قوله تزف) بضم النون وكسر الزاي (قوله وقد جف) بفتح الجيم من الجفاف (قوله وكان من أهنأ) بنون وهمزة في آخره من غير مد (قوله صفوان بن سليم) بضم السين المهملة وفتح اللام هو الامام القوة يقال إنه لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنة