سلامهم وخيانتهم في ذلك ليا بألسنتهم وطعنا في الدين فقال إن اليهود إذا سلم أحدهم فإنما يقول السام عليكم فقولوا عليكم وكذلك قال بعض أصحابنا البغداديين إن
النبي صلى الله عليه وسلم لم
يقتل المنافقين بعلمه فيهم ولم يأت أنه قامت بينة على نفاقهم فلذلك تركهم وأيضا فإن الأمر كان سرا وباطنا وظاهرهم الإسلام والإيمان وإن كان من أهل الذمة بالعهد والجوار والناس قريب عهدهم بالإسلام لم يتميز بعد الخبيث من الطيب وقد شاع عن المذكورين في العرب كون من يتهم بالنفاق من جملة المؤمنين وصحابة سيد المرسلين وأنصار الدين بحكم ظاهرهم فلو
قتلهم النبي صلى الله عليه وسلم لنفاقهم وما يبدر منهم وعلمه بما أسروا في أنفسهم لوجد المنفر ما يقول ولا ارتاب الشارد وأرجف المعاند وارتاع من
صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والدخول في الإسلام غير واحد ولزعم الزاعم وظن العدو
الظالم أن
القتل إنما كان للعداوة وطلب أخذ الترة وقد رأيت معنى ما حررته منسوبا إلى
مالك بن أنس رحمه الله ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لا يتحدث الناس أن محمدا
يقتل أصحابه، وقال أولئك الذين نهاني الله عن
قتلهم وهذا بخلاف إجراء الأحكام الظاهرة عليهم من حدود
الزنا والقتل وشبهه لظهورها واستواء الناس في علمها وقد قال محمد بن المواز لو أظهر
المنافقون نفاقهم لقتلهم
النبي صلى الله عليه وسلم، وقاله القاضي أبو الحسن بن القصار، وقال قتادة في تفسير
____________________
(قوله أخذ الترة) بكسر المثناة الفوقية وتره يتره ترة إذا لم يدرك دم قتيله