فصل الوجه الخامس أن لا يقصد نقصا ولا يذكر عيبا ولا سبا لكنه ينزع بذكر بعض أوصافه أو
يستشهد ببعض أحواله صلى الله عليه وسلم الجائزة عليه في الدنيا على طريق
ضرب المثل والحجة لنفسه أو لغيره أو على التشبه به أو عند هضيمة نالته أو غضاضة لحقته ليس على طريق التأسي وطريق التحقيق بل على مقصد الترفيع لنفسه أو لغيره أو على سبيل التمثيل وعدم التوقير
لنبيه صلى الله عليه وسلم أو قصد الهزل والتنذير بقوله كقول القائل إن قيل في السوء فقد قيل في النبي أو إن
كذبت فقد
كذب الأنبياء أو إن أذنبت فقد أذنبوا أو أنا أسلم من ألسنة الناس ولم يسلم منهم أنبياء الله ورسله أو قد صبرت كما
صبر أولو العزم أو كصبر أيوب أو قد
صبر نبي الله عن عداه وحلم على أكثر مما صبرت وكقول المتنبي:
أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود
____________________
(قوله ولا سبا) بالسين المهملة والموحدة (قوله أو عند هضيمة) بفتح الهاء وكسر الضاد المعجمة وهي أن يهتضمك القوم شيئا أي يظلمونك إياه (قوله غضاضة) بغين معجمة وضادين معجمتين أي ذلة ومنقصة (قوله المتنبي) هو أبو الطلب أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي ولد سنة ثلاث وثلاثمائة ونشأ بالبادية والشام ومات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال السمعاني في الأنساب إنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه كثير من كلب وغيرهم فخرج إليهم لؤلؤ أمير حمص بالأخشيدة فأسره وسجنه طويلا ثم أشهد عليه أنه تاب وكذب نفسه فيما ادعاه وأطلقه