ما أريد بها وجه الله وقد تأذى
النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وقال قد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر ولا
قتل المنافقين الذين كانوا يؤذونه في أكثر الأحيان؟ فاعلم وفقنا الله وإياك أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان أول الإسلام يستألف عليه الناس ويميل قلوبهم ويميل إليه ويجيب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم ويدارئهم ويقول لأصحابه إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا منفرين ويقول (يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا) ويقول (لا يتحدث الناس أن محمدا
يقتل أصحابه) وكان صلى الله عليه وسلم يداري الكفار والمنافقين ويجمل صحبتهم ويغضي عنهم ويحتمل من أذاهم ويصبر على جفائهم ما لا
يجوز لنا اليوم الصبر لهم عليه وكان يرفقهم بالعطاء والإحسان وبذلك أمره الله تعالى فقال تعالى (ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) وقال تعالى (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) وذلك لحاجة الناس للتألف أول الإسلام وجمع الكلمة عليه فلما استقر وأظهره الله على الدين كله
قتل من قدر عليه واشتهر أمره كفعله بابن خطل ومن عهد
بقتله يوم الفتح ومن أمكنه
قتله غيلة من يهود وغيرهم أو غلبة ممن لم ينظمه قبل سلك صحبته والانخراط في جملة مظهري الإيمان به ممن كان يؤذيه كابن
____________________
(قوله ويرفقهم بالعطاء) في الصحاح الرفق ضد العنف وقد رفق به يرفق. وحكى أبو زيد رفقت به بمعنى