ما كان هذا جزائي إذ نصحتكم (1) * أن تخلفوني بسوء (2) في ذوي رحمي ثم قال علي بن الحسين - رحمه [الله] -: ويلك يا يزيد! إنك لو تدري ما صنعت وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي إذا لهربت في الجبال و فرشت الرماد! ودعوت بالويل والثبور أن يكون رأس الحسين ابن فاطمة وعلي رضي الله عنه منصوبا على باب المدينة! وهو وديعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكم، فأبشر بالخزي والندامة غدا إذا جمع الناس ليوم لا ريب فيه.
قال: فالتفت حبر من أحبار اليهود وكان حاضرا فقال: من هذا الغلام يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا صاحب الرأس هو أبوه. قال: ومن هو صاحب الرأس يا أمير المؤمنين؟ قال: الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: فمن أمه؟ قال: فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فقال الحبر: يا سبحان الله! هذا ابن بنت نبيكم قتلتموه في هذه السرعة! بئس ما خلفتموه في ذريته، والله لو خلف فينا موسى بن عمران سبطا من صلبه لكنا نعبده من دون الله! وأنتم إنما فارقكم نبيكم بالأمس فوثبتم على ابن نبيكم فقتلتموه، سوءة لكم من أمة! قال: فأمر يزيد بكر في حلقه، فقام الحبر وهو يقول: إن شئتم فاضربوني أو فاقتلوني أو قرروني، فإني أجد في التوراة أنه من قتل ذرية نبي لا يزال مغلوبا أبدا ما بقي، فإذا مات يصليه الله نار جهنم.
قال: ثم دعا يزيد بالخاطب وأمر بالمنبر فأحضر، ثم أمر الخاطب فقال:
اصعد المنبر فخبر الناس بمساوئ الحسين وعلي وما فعلا! قال: فصعد الخاطب المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم أكثر الوقيعة في علي والحسين، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد فذكرهما بكل جميل. قال: فصاح علي بن الحسين: ويلك أيها الخاطب! اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فانظر مقعدك من النار. ثم قال علي بن الحسين: يا يزيد أتأذن لي أن أصعد هذه الأعواد فأتكلم بكلام فيه رضا الله ورضا هؤلاء الجلساء وأجر وثواب؟ قال: فأبى يزيد ذلك، فقال الناس: يا أمير المؤمنين! ائذن له ليصعد المنبر لعلنا نسمع منه شيئا! فقال: إنه إن صعد المنبر لم ينزل إلا بفضيحتي أو بفضيحة آل سفيان، قيل له: يا أمير المؤمنين! وما قدر ما يحسن هذا؟ قال: إنه من نسل قوم قد رزقوا العلم رزقا حسنا. قال: فلم يزالوا به