كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٣٢
ما كان هذا جزائي إذ نصحتكم (1) * أن تخلفوني بسوء (2) في ذوي رحمي ثم قال علي بن الحسين - رحمه [الله] -: ويلك يا يزيد! إنك لو تدري ما صنعت وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي إذا لهربت في الجبال و فرشت الرماد! ودعوت بالويل والثبور أن يكون رأس الحسين ابن فاطمة وعلي رضي الله عنه منصوبا على باب المدينة! وهو وديعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكم، فأبشر بالخزي والندامة غدا إذا جمع الناس ليوم لا ريب فيه.
قال: فالتفت حبر من أحبار اليهود وكان حاضرا فقال: من هذا الغلام يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا صاحب الرأس هو أبوه. قال: ومن هو صاحب الرأس يا أمير المؤمنين؟ قال: الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: فمن أمه؟ قال: فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فقال الحبر: يا سبحان الله! هذا ابن بنت نبيكم قتلتموه في هذه السرعة! بئس ما خلفتموه في ذريته، والله لو خلف فينا موسى بن عمران سبطا من صلبه لكنا نعبده من دون الله! وأنتم إنما فارقكم نبيكم بالأمس فوثبتم على ابن نبيكم فقتلتموه، سوءة لكم من أمة! قال: فأمر يزيد بكر في حلقه، فقام الحبر وهو يقول: إن شئتم فاضربوني أو فاقتلوني أو قرروني، فإني أجد في التوراة أنه من قتل ذرية نبي لا يزال مغلوبا أبدا ما بقي، فإذا مات يصليه الله نار جهنم.
قال: ثم دعا يزيد بالخاطب وأمر بالمنبر فأحضر، ثم أمر الخاطب فقال:
اصعد المنبر فخبر الناس بمساوئ الحسين وعلي وما فعلا! قال: فصعد الخاطب المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم أكثر الوقيعة في علي والحسين، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد فذكرهما بكل جميل. قال: فصاح علي بن الحسين: ويلك أيها الخاطب! اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فانظر مقعدك من النار. ثم قال علي بن الحسين: يا يزيد أتأذن لي أن أصعد هذه الأعواد فأتكلم بكلام فيه رضا الله ورضا هؤلاء الجلساء وأجر وثواب؟ قال: فأبى يزيد ذلك، فقال الناس: يا أمير المؤمنين! ائذن له ليصعد المنبر لعلنا نسمع منه شيئا! فقال: إنه إن صعد المنبر لم ينزل إلا بفضيحتي أو بفضيحة آل سفيان، قيل له: يا أمير المؤمنين! وما قدر ما يحسن هذا؟ قال: إنه من نسل قوم قد رزقوا العلم رزقا حسنا. قال: فلم يزالوا به

(1) مروج الذهب: نصحت لكم.
(2) مروج الذهب: بشر.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169