فحمل في أهل البصرة، وحمل علي في أهل الحجاز، فما بقي لأهل الشام صف إلا انتقض.
قال: وجعل (1) أهل الشام ينظر بعضهم إلى بعض، ولا يقدرون على الكلام لما هم فيه من الدهش والهموم. قال: وترك الناس راياتهم وتفرق (2) أصحاب علي، فصار علي إلى رايات ربيعة فوقف معهم، وجعل أصحابه يطلبونه فلا يقدرون عليه، وأقبل الأشتر (3) جريحا وهو يلهث من العطش، فلما نظر إلى علي وهو واقف عند ربيعة كبر ثم قال (4): يا أمير المؤمنين! خيل كخيل ورجال كرجال، والفضل لنا إلى ساعتنا هذه والحمد لله، فعد إلى مكانك الذي كنت فيه فإن الناس إنما يطلبونك هنا لك. قال: وأقبل الحسن والحسين ومحمد ابن الحنفية وعبد الله بن جعفر و محمد بن أبي رضي الله عنهم وغيرهم من أهل البيت وسيوفهم مخضوبة بالدماء، وأنشأ الأشتر يقول:
كل شيء سوى الإمام صغير * وهلاك الإمام خطب كبير قد أصبنا وقد أصيبت لنا اليوم * رجال بزل حماة صقور واحد منهم بألف كبير * إن ذا من ثوابه لكثير إن ذا الجمع لا يزال بخير * فيه نعمى ونعمة وسرور من رأى عزة البوصي علي * إنه في دجى الحنادس نور إنه والذي يحج له الناس * سراج لذي الظلام منير من رضاه إمامه دخل الجنة * عفوا وذنبه مغفور بعد أن يقضي الذي أمر الله * به ليس في الهدى لخبير قال: فقال عدي بن حاتم الطائي: يا أمير المؤمنين! إن قوما أنست بهم و كنت فيهم عند هذه الجولة (5) في هذه الحرب الشديدة لعظم حقهم عليك، والله إنهم لصبروا عند الموت وعند اللقاء، فقال علي رضي الله عنه: وإنهم لدرعي