حتى فشا ذلك في الناس. قال: فوثب المنذر بن حفصة الهمذاني (1) إلى علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين: إن عكا والأشعريين قد طلبوا من معاوية الفرض و العطاء والعقارات من حوران والثنية وغير ذلك، قد باعوا الدين بالدنيا واشتروا الضلالة بالهدى، ونحن قد رضينا بالآخرة من الدنيا، وبالعراق من الشام وبك من معاوية، والله إننا لنعلم أن آخرتنا لأشرف (2) من دنياهم، وأن عراقنا لخير من شامهم، وأن إمامنا لأهدى من إمامهم، فعليك بالصبر واحملنا على الموت، فها نحن بين يديك وتحت ركابك، ثم أنشأ بعد ذلك يقول:
إن عكا سألوا الفرائض والأشعر * سألوا (3) حوران والثنية تركوا الدين للعقار وللفرض * فكانوا بذاك شر البرية و سألنا حسن الثواب من الله * وصبرا على الجهاد ونية فلكل ما سأله ويراه * كلنا يحسب الخلاف خطية و لأهل العراق أحسن في الحرب * إذا (4) كلت الرجال نقية و لأهل العراق اصبر في النقع * إذا ثارت العجاج عشية ولأهل العراق احمل للثقل * إذا عمت البلاد (5) بلية ولأهل العراق أعرف بالله * وبالدين والأمور السنية ليس منا من لم يكن لك في الله * وليا يا ذا الولا والوصية قد بذلنا النفوس في طاعة الله * لكيما تنال دارا علية حبذ القتل في السبيل فلا بد * لنا من ورود حوض المنية حسبنا منك ما يبلغنا اليوم * إلى مثله ورب البنية قال: فأدناه علي منه وقبل بين عينية، وقال: أبشروا! فإني أرجو من الله أن تكونوا ممن يجاور محمدا صلى الله عليه وآله وسلم غذا في جنة النعيم.