يقول له والموت أهون جرعة * علينا من العار المهجن للحسب عليك العفا ما هبت الريح إننا * سنصبر إن لم يصبر القوم من هرب لعمرو وبسر والجبان ابن خالد (1) * وعتبة الفرار في حومة اللهب على أن عمرو البؤس في القوم مثله * ولكن رماه (القدر) (2) بالشؤم والعطب فليس له حظ سمين وإنما * يعيش الفتى بالحظ والدلو بالكرب قال: فدعاه معاوية فترضاه، وقال: يا أخا حمير! فإني لا أولي عليكم إلا من تحبون بعد هذا اليوم، وأنزل الأمر حيث تريدون.
قال: فلما كان من غد وثب معاوية فعبى أصحابه ثم قال: يا أهل الشام! دعوا ما مضى، إني أريد منكم اليوم أن تجدوا في حربكم وتقدموا عزمكم وتفرغوا مجهودكم، وسلوني حوائجكم. قال: فوثب عك والأشعريون فقالوا: يا معاوية!
إننا قد قاتلنا معك علي بن أبي طالب، ثم إن قلوبنا لتميل إليه لأننا لا نشك في حقه و لا نشك في باطلك، غير أننا قوم من أهل الشام فلم تحب أن تخرج أيدينا من طاعتك، وقد علمت أنه ليس لنا ضياع ولا قرى، إنما نحن أصحاب إبل وغنم، فنريد منك الفرض والقطائع والعقارات وإلا والله قلبنا أعنة الخيل إلى غيرك. فقال معاوية: نعم والله وكرامة لكم، فهاتوا ما الذي تريدون؟ قالت عك (3): أما نحن فإننا نريد الفرض والعطاء، وقال الأشعريون: نريد منك أن تقطعنا حوران (4) و التثنية (5) فيكون لنا ولعقبنا من بعدنا، فقال معاوية: فإني قد فعلت ذلك وكرامة لكم.
قال: وبلغ أصحاب علي ذلك، فلم يبق خلق من أهل العراق ممن كان في قلبه مرض أو شك إلا وطمع في معاوية وشخص ببصره نحوه أو هم أن يصير إليه،