النعرات الطائفية والنزعات القومية مفخرة، ونأكر المنكر والخسة متعديا، ومعتديا، والمنادي بحقه والمطالب بالعدل والمساواة مستهترا، والداعي إلى ولاة الحق وأهل الحجى والتقوى طائفيا وبليدا، ورذلا، والكذاب والمخادع والمكار داهية، ومصيبا ومرموقا.
فانظر أنت أيها القارئ وما أدري من أنت، امن أسودها أو أبيضها، عربها أو عجمها، جديدها أم قديمها؟ أي نزعة وفكرة تحمل، مهما كنت. انظر كيف انك تعتز بعقيدتك، وتدافع عنها، ولطالما جلست تحاسب نفسك وتنتقد ما فيها من نواقص، ولكن لشد ما تثيرك الانتقادات الموجهة لك مهما كانت منطقية.
نعم، تلك غريزة بشرية كسائر الغرائز، وهي غريزة حب الذات والقبيلة وحب الوطن، والاعتزاز بالعقيدة وحب الأولاد والآباء مهما بلغوا من الخسة، والرذيلة، والقبح والشراسة. فاللص يأبى في قرارة نفسه ان تخاطبه لصا، أو تنكر عليه عمله، وافراد القبيلة يأبون الطعن في سلوك قبيلتهم، افرادا وجماعات، مهما بلغوا فيها من الانحطاط، وافراد الوطن الواحد مهما بلغوا من التأخر الاجتماعي، يأبون توجيه النقد، وبيان الحقيقة. اما حاملو العقائد فيتقاتلون تجاه عقائدهم مهما بلغت الوخامة والانهيار الخلقي، والمنطقي، كما ليس بامكانك توجيه النقد المحض مهما كان حقيقة وواقعا في أولاد أو آباء أو ذوي الافراد، الا وشعر في ذلك بالتأثر في قرارة نفسه، وجهز نفسه للدفاع مهما بلغ، والانتقام عند سنوح أية فرصة!!! حتى إذا كان نفسه قالها، وانتقد نفسه أو ذويه، أو وطنه، أو عقيدته، فإنه يأبى ان تحط أنت من كرامتها. فلماذا؟
نعم تلك احدى الغرائز البشرية المستحكمة المستهجنة لا تتغلب عليها الا بالتسلط العقلي الشديد، والمقرون بالإرادة القوية أو بالايمان المنبعث عن عقيدة دينية اسلامية أصيلة خالية من شوائب وعقائد الجاهلية، كما في قوله تعالى: