والحكومة العادلة والمثل العليا، تلك التي يتمناها البشر فتجعله منهجها الفذ وسبيلها المستقيم لإقامة دولتها ودون ذلك الحقائق المموهة، والمجازر والاعتداءات، والمظالم، فهي تحاول تمويه ذلك على العامة، وسحق العقلاء المخلصين. ولكن إلى متى؟ وهل يمكن أن تدوم تلك؟ وحتى متى يستطيع الانسان أن يغلب أخاه ويموه عليه؟ كلا، لا يمكن ذلك طويلا، وربما خفي على الجهال، ولكن ماذا تقول بالعقلاء؟ فلنعد إلى التاريخ منذ القدم، الحكومات، الأديان، ذوي العقائد والغايات والمطامع من المستعمرين وذوي القدرة والسيطرة، باسم الفضيلة والعدالة وباسم الدين، كم وكم عم البشر من الشقاء والويلات، وأقرب من كل ذلك أمس عصر النور، واليوم عصر الذرة، الحرب العالمية الأولى، وبعدها الحرب العالمية الثانية، وما تخللها من مظالم باسم الديمقراطية والفاشية والشيوعية، في الشرق والغرب، اعتداء الأقوياء على الضعفاء، أفرادا وجماعات، واستبداد الأقوياء بالضعفاء باسم الاصلاح لاخفاء معالم الحق والقضاء على الداعي إلى الاصلاح والى الحقيقة ودفع الظلم، فالدول القوية تحتل الصغيرة وتستثمرها فان دافعت فجزاؤها الدمار، وافراد الشعوب الناطقون بالحقيقة مأواهم السجون، والقتل والتعذيب، وبعدها اشهارهم بالعصيان والعدوان، فانظروا المجازر في بلدان الشرق الأدنى والأوسط والأقصى، وإفريقيا وأميركا اللاتينية، بل وداخل الدول نفسها واستبداد زعماء الدول وأنصارهم في الشرق الأقصى والأوسط وإفريقيا وأميركا اللاتينية بالأحرار ورجال الاصلاح.
ومن قبلهم خلفاء بني أمية وبني العباس، بمن خالفهم وقبلهم الآشوريون والأكاسرة والرومان واليونان، والمصريون، ومن دعا للاصلاح من الأحرار امام مظالم الكنيسة المسيحية، تلك هي السياسة وطالما سمي الساسة من هذا الطراز بذوي الرأي الصائب، والأقلية الفاضلة لا تقر ذلك ولن ترضاه، إذ يخالف الدين، يخالف العدالة، يخالف الوجدان والضمير الحي، يخالف ما أمر به الله ورسوله،