تجمع نور الشمس في عدسة وتمررها إلى شئ وتحرقه، بقانون طبيعي خاص، فبامكاننا حصر الفكر في موضوع ما دون تشتت فنبعثه إلى أدمغة الآخرين فيكون له حكم الايحاء لهم أو تسلط الفكرة المتمركزة على أدمغة الآخرين لقراءة ما فيها من أفكار، أو نريد صياغة عبارة في موضوع ما بحيث يكون خاليا من الأغلاط المنطقية والشوائب الخارجة عنه فذلك بالتمركز، ومن قوانين الفكر والعقل.
وما حكمة الحكماء وتنبؤ الأنبياء الا لما لهم من هذه القدرة النفسية ذاتا في الحكماء، وما أكسبهم الله بها في الأنبياء وما بلغوا اليه بالدراسة والعلم في العلماء وأخص منهم علماء النفس.
والعقل السليم لا يتغير، في مختلف البشر، وهو كالماء المقطر أو الذهب المصفى عنصرا ويمتاز كهذه أينما حل، وفي أي امرئ كان، بنفس الصفات سواء بسواء، فهل تريد أن تحمل ذلك فهو في متناولك إن شئت، على شريطة أن لا تشوبها بشائبة أخرى، وعلى شريطة ان تربي فيك قوة الإرادة، والتغلب على النفس وأهوائها التي هي مقدمة لازمة لذلك.
ولننظر الأمور بحقائقها دون تمويه، كالناظر بمنظار للأجسام الدانية الدقيقة أو العالية البعيدة، إذا عسر عليه معرفتها بالنظرة المجردة، فالعقل كثيرا ما يحتاج إلى ما تحتاجه العين، للتوصل إلى الحقائق كأن يستفيد من أدوات أخرى تساعده على الوصول لرؤية الشئ، كما هو، كما يراه الآخرون دون تغيير في لونه وحجمه وشكله وباقي صفاته، فهل اقتنعت مني أيها القارئ الكريم فإذا اقتنعت فاتبعني في البحث عن الدين والسياسة وسأورد في المقدمة بعض التعاريف كمقياس للوصول إلى ما نريد.