على الأمة نصوصا وأحكاما دونها نصوص القرآن، فهل كان لعمر ولأبي بكر أو غيرهما مخالفة نص قرآني صريح. وإنك لتجد ذلك لفظا ومعنى في كتاب الجوهرة النيرة على مختصر القدوري في الفقه الحنفي ص 164 ج 2 كما ورد في غير ذلك حول مناقب الخليفتين ولفظه كما يلي: لما ولى أبو بكر جاء (المؤلفة قلوبهم) لاستيفاء سهمهم هذا جريا على عادتهم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوافق أبو بكر وكتب لهم كتابا إلى عمر، وعندما قدموا له كتاب أبي بكر مزقه وقال: " لا حاجة لنا بكم فقد أعز الله الاسلام وأغنى عنكم، فان أسلمتم وإلا فالسيف بيننا وبينكم "، فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا له: أنت الخليفة أم هو؟ فقال: بل هو إن شاء الله. وأمضى ما فعله عمر. وقد أول بعض الكتاب المعاصرين كالدواليبي في كتابه " أصول الفقه " أن أبا بكر وعمر وجدا مصلحة المسلمين تقتضي ذلك. ولكننا نتساءل: هل يجوز لنا الاجتهاد في موارد النص الصريح ودون أن يكون في ذلك أية إشارة إلى مثل تلك المصالح، فقد رأينا أن صوم شهر رمضان في القرآن فرض على كل مسلم، بيد أن الله عز وجل أشار في كتابه الكريم بقوله (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)، كما أوجب القصر للصلاة وأشار (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا...) فكان الله في أمثال تلك أبعد الحرج، وفتح لنا بابا نتقي به الحرج فهل أشار مثل ذلك في الزكاة في حين أنه عز وجل قال في محكم كتابه المجيد في ثلاث آيات في إحداها (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وفي أخرى هم الفاسقون وفي أخرى هم الظالمون.
فكيف جاز لهما أن يغيرا حكم الله الصريح بدعوى المصلحة في حين أننا نرى اليوم ومنذ القديم كانت الدول ولا تزال تصرف قسما من ميزانيتها في سبيل الدعاية السياسية والاقتصادية بين الافراد والجماعات وحتى الدول القريبة والبعيدة بغية تثبيت مصالحها، وهل كان حقا أن الاسلام كان في غنى عن ذلك،