في هذا الوقت العصيب الدقيق وعلمهم بوصية رسول الله له بعدم المقاتلة واستعمال القوة وقد أخبره بقيام هذه الفتنة. فإذا كان فعلهم ذلك مع علي وفاطمة والحسن والحسين فماذا ترجو ان يقابلوا به مالكا، ولم يخف عليهم الامر بحقيقته بان في مثل هذا الموارد لا يسمح لهم سوى استمرار القوة وعدم السماح للأقوال والاعتراض وإلا فشا ضعفهم وأشهر كيدهم وحقدهم ومطامعهم متمثلين قول الشاعر:
اضرب حديدا حاميا * لا خير فيه إن برد وهكذا تراهم يولون الأمر لبث الأمر إلى أقسى أفرادهم وأنصارهم قسرا من أمثال خالد بن الوليد وضرار بن الأزور زميل خالد بن الوليد فيقوم كل واحد منهما بفجائع تقشعر منها جلود من لهم ذرة من الدين والوجدان، وقاما بأعمال ضد المسلمين العزل مما تشمئز النفوس ويأباه ذوو العقول.
وأي شئ في الدنيا تجزع منه النفوس. وتدمى منه القلوب؟ هل هناك طامة أعظم من التعرض للاعراض، ورزية أهول من القتل، وفادحة أفدح من النهب والسلب، وكارثة أشر من السبي، ومصيبة أفدح من البهتان بعد كل ذلك؟ فكيف إذا اجتمعت جميعها في مسلمين ومؤمنين بالله يقتلون وينهبون ويسبون وتهتك أعراضهم وتيتم أطفالهم ويعتدى على أعراضهم وتشتت أفرادهم؟! وأخرى أشد وأفجع يحرقون أحياء وهم مسلمون.
وها أني أسوق بعض ما جرى على أثر الفتنة الكبرى بعد السقيفة بأمر أبي بكر وبعلمه واصراره وبصورة مكررة تخالف الشرع من كتاب الله وسنة نبيه، والوجدان والعدالة الانسانية، وسوف نسوق نبذا منها وبعدها نضعها على طاولة الشرح وترى فيها الجاني من الآمر والمأمور والمعتدي والمعتدى عليه ودرجة هذه الجناية.