والتفرقة والاختلاف والتحريف والأكاذيب والوضع، هكذا كان الاهتمام بالحديث له نفس الميزة في ضبطه لو ضبط وعدم ادخال أو اخراج أو وضع شئ فيه. وغير منطقي أبدا القول بمنع ذلك عن رسول الله طالما هو كان في أكثر الموارد وأهمها كالغدير يطلب أن يكون الحاضر شاهدا وراويا للغائب، والعذر بأن القرآن يكفينا، أو أن الأحاديث تلهينا عن القرآن، أو أي شئ آخر فإنما هي اعذار، والقصد من ورائها منع ظهور الحقيقة، وهي أقوال وأوامر الله على لسان رسوله، وأحاديث الرسول ونواهيه في اتباع ما أراده، وخالفوه فيه لمقاصدهم السياسية من تولية علي وعترته والصالحين من الصحابة، وإبعاد أولئك المنافقين والطلقاء ومن يكن عداء وحقدا وحسدا لمحمد وآله من الولاية والامارة والإمامة التي حث عليها رسول الله، وأكدها مرارا في فضل عليه ومنصبه للوصاية والخلافة والولاية والإمامة بعده، وما ورد في هذا، وفضائل ذريته أولئك الذين طهرهم الله وبرأهم من الرجس في آية التطهير، وعلي الذي نصبه الله وأعلن اسمه بعد اسمه واسم نبيه في آية الولاية، وامتدحه وذريته في آيات كثيرة من القرآن، وكان الحديث ضرورة لا يمكن الاستغناء عنه أبدا لتفصيل الموجز من آيات القرآن ومغازيه وتأويله، والوقائع والحوادث المهمة التي نزلت، وفي جميع الواجبات التي فرضها الله والحدود التي أقرها، والنواهي التي أجملها الله في كتابه العزيز وإني لا أرى فرقا بين من وضع وكذب في الحديث، ومن منع وأرهب من أراد تدوين ذلك. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وكفى بالله حسيبا.
(٤٠٤)