المخالفة، بيد ان عمر اخذ الكتاب الذي كتبه أبو بكر لرد فدك ومزقه وقد تظاهر أبو بكر انه بكى وتأثر كما جاء في السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الشافعي في ص 391 ج 3، وما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. واني أرى ان في هذا تلاعبا ومراءات أعظم من الأول فمن هو الخليفة؟ أهو أبو بكر أم عمر؟ وكيف يفعل ذلك عمر مع الخليفة ويمزق الكتاب؟ أحسب أبو بكر ان فدكا حق واعترف بنحلته أم لا يزال مصرا بيد أنه أراد أن يسكت المسلمين ويلقيها على عاتق عمر؟
لعمري انها للعبة لم تكن لتستند إلا على القوة والمكيدة والخداع، وماذا يفعل علي وهو الموصى بالصبر؟ وترى عمر في زمن خلافته يعيد فدكا لعلي والعباس. وهنا علينا ان نتساءل ان كان أبو بكر قد اعتبر فدكا فيئا للمسلمين، فما الذي دعا عمر لردها؟ أليس هذا تناقضا بين الخليفتين وان عمر بعمله كذب أبا بكر في روايته وكان عليه ان يعيد ما سلب من منافعها - خلال المدة التي سلبت - إلى أصحابها (1).
تواريخ رد فدك: ولقد اخرج العلامة السمهوري المؤرخ والمحدث المعروف في المدينة المنورة المتوفى 911 هجرية فيما كتبه عن تاريخ المدينة، وكذا ياقوت الحموي الرومي ابن عبد الله في معجم البلدان ما مر أعلاه وان فدكا استعيدت بعد ذلك في زمن الأمويين، أعادها الخليفة عمر بن عبد العزيز كما ذكره السمهوري وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ص 81 ج 4 عن أبي بكر الجوهري ونقل هذه العبارة: " كانت أول ظلامة ردها " وبعده استعادها يزيد بن عبد الملك وبقيت بيد الأمويين حتى خلافة العباسيين حيث أعادها الخليفة العباسي الأول - الملقب بالسفاح - لبني فاطمة، واستعادها أبو جعفر المنصور منهم، وأعادها لهم الخليفة المهدي العباسي، واسترجعها موسى الهادي العباسي، وأعادها الخليفة العباسي المأمون حيث كتب إلى قثم بن جعفر عامله في المدينة