والثابتون والذابون والفائزون مع الهاربين والمدبرين؟ هل يستوي أحباء الله مع أعدائه؟ هل يستوي من أطاع الله ورسوله وأقام حدوده وسننه هو ومن أوقف حدوده وبدل نصوصه؟! مالكم كيف تحكمون! هل يستوي من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويوقر العلماء والحكماء والمؤمنين، ويبعد أعداء الله والمنافقين مع من يعمل العكس والضد؟! وان أنكرت فالتاريخ أعظم شاهد على ما نقول.
وبعد! لو كانت الخلافة بعد رسول الله بيد أهلها لسادت السعادة ولكان العالم اليوم وحدة اسلامية سعيدة وكانت الأرض جنانا وأمانا.
لقد شاهدتم سيرة علي زمن رسول الله وزمن الخلفاء الراشدين فوجدتموه حقا الصديق العادل التقي المخلص لله ولرسوله، ووجدتم سيرته زمن خلافته ورأيتم عماله كيف كانوا من خيرة القوم ونخبة النخبة، ورأيتم أقواله المقرونة بأفعاله، ويقظته، ووصاياه المأثورة. وها أني اقدم نبذة منها أدناه دالة على عدالته وانصافه وبره وألطافه حيث قال لولاته " فأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا بحوائجهم، فإنكم خزان الرعية، ووكلاء الأمة، وسفراء الأئمة، ولا تحشموا أحدا عن حاجته، ولا تحبسوه عن طلبته، ولا تبيعن للناس في الخراج كسوة شتاء ولا صيف، ولا دابة يعتملون عليها، ولا عبدا، ولا تضربن أحدا سوطا لمكان درهم " (1) وتجده أدناه كيف يدبر ويدير ويربي ولاته وعماله ويراعيهم ويراقبهم حيث يقول لولاته: " ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة وأثره فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الاسلام المتقدمة فإنهم أكثر أخلاقا، وأصح أعراضا، وأقل في المطامع إشراقا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا، ثم أسبغ عليهم الارزاق فان ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم،