النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهله الأدنين: قوموا يا بني هاشم! فانظروا حقكم الذي آتاكم الله على باطل هؤلاء، قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة، ألا ترى ما جعلت هند بنت عتبة لمن قتله يوم أحد لأنه اشترك هو وحمزة في قتل أبيها يوم بدر؟ ألم تسمع قول هند ترثي أهلها؟
ما كان عن عتبة لي من صبر * أبي وعمي وشقيق صدري أخي الذي كان كضوء البدر * بهم كسرت يا علي ظهري وذلك أنه قتل أخاها الوليد بن عتبة وشرك في قتل أبيها عتبة واما عمها شيبة فان حمزة تفرد في قتله، وقال جبير بن مطعم لوحشي مولاه يوم أحد: ان قتلت محمدا فأنت حر، وان قتلت عليا فأنت حر، وان قتلت حمزة فأنت حر فقال: " أما محمد فسيمنعه أصحابه، وأما علي فرجل حذر كثير الالتفات في الحرب، ولكني سأقتل حمزة " فقعد له وزرقه بالحربة فقتله.
ولما قلنا من مقاربة حال علي في هذا الباب لحال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومناسبتها إياه ما وجدناه في السيرة والاخبار من اشفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحذره عليه ودعائه له بالحفظ والسلامة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الخندق وقد برز علي إلى عمرو ورفع يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه: اللهم انك أخذت مني حمزة يوم أحد، وعبيدة يوم بدر فاحفظ اليوم علي عليا. (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين) (1)، ولذلك ضن به عن مبارزة عمرو حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مرارا في كلها يحجمون ويقدم علي فيسأل الاذن له في البراز حتى قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): انه عمرو! قال: وانا علي. فأدناه وقبله وعممه بعمامته، وخرج معه خطوات كالمودع له، القلق لحاله المنتظر لما يكون منه، ثم لم يزل (صلى الله عليه وآله وسلم) رافعا يديه إلى السماء، مستقبلا لها بوجهه، والمسلمون صموت حوله، كأنما على