باللات والعزى شيئا، فوالله ما أبغض بعضهما شيئا قط.
فقال له بحيرا: فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه، [فقال] (1):
سلني عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء، من حاله في نومه، وهيئته، وأموره، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره، فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه، على موضعه من صفته التي عنده.
[قال] (1): فلما فرغ منه أقبل على عمه أبي طالب فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني، فقال له بحيرا: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا، قال: فإنه ابن أخي، قال: فما فعل أبوه؟ قال:
مات وأمه حبلى به، قال: صدقت، قال: ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن، فأسرع به إلى بلاده.
فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة، حين فرغ من تجارته بالشام، فزعموا فيما يتحدث الناس، أن زريرا (2)، وتماما (3)، ودريسا - وهم نفر من أهل الكتاب - قد كانوا رأوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب أشياء، فأرادوه، فردهم عنه بحيرا، وذكرهم الله، وما يجدون في الكتاب من ذكر وصفته، وأنهم إن أجمعوا بما أرادوا، لم يخلصوا إليه، حتى عرفوا ما قاله لهم وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا [عنه] (4)، فقال أبو طالب في ذلك شعرا، يذكر مسيره برسول الله صلى الله عليه وسلم،