إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٦ - الصفحة ٩٥
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دنا " منها " قالت: أعوذ بالله منك، فقال: (عذت بعظيم، إلحقي بأهلك) (1). وقيل: دخل بها، ولكنه لما خير نساءه اختارت قومها ففارقها، فكانت بعد ذلك تلقط البعر، وتدخل على أمهات المؤمنين فيتصدقن عليها وتقول: أن الشقية. وماتت عند أهلها سنة ستين، وكان تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بها في سنة ثمان منصرفه من الجعرانة، وقيل: إنها ابنة الضحاك بن سفيان الكلابي واسمها فاطمة، وقيل إن الضحاك الكلابي عرض ابنته على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من صفتها كذا وكفاك من صحة بدنها أنها لم تمرض قط ولم تصدع، فقال: لا حاجة لنا فيها، هذه تأتينا بخطاياها (2).
وقال الكلبي: التي قال أبوها أنها لم تصدع قط وعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا حاجة لنا بها: سلمية، وأما الكلبية فاختارت قومها، فذهلت وذهب عقلها، فكانت تقول: أنا الشقية، خدعت (3).

(1) (دلائل البيهقي): 7 / 287، (سير أعلام النبلاء): / 257 - 259.
(2) (دلائل البيهقي): 7 / 288.
(3) وأخرج البخاري في كتاب الطلاق، باب (3) من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟
حديث رقم (5254): حدثنا الحميدي، حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي قال: سألت الزهري:
أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استعاذت منه؟ قال: أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك. قال أبو عبد الله: رواه حجاج بن أبي منيع عن جده، عن الزهري أن عروة أخبره أن عائشة قالت...........
وحديث رقم (5255): حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن غسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبي أسيد رضي صلى الله عليه وسلم عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى انطلقنا إلى حائط يقال له الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين جلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسوا ها هنا، ودخل، وقد أتى بالجونية، فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحبيل، ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: هبي نفسك لي، قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك. فقال: قد عذت بمعاذ، ثم خرج علينا فقال: يا أبا أسيد، اكسها رازقيين، وألحقها بأهلها.
وحديث رقم (5256، 5257): وقال الحسين بن الوليد النيسابوري عن عبد الرحمن، عن عباس بن سهل، عن أبيه وأبي أسيد قالا: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحبيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين.
وأخرج في كتاب الأشربة، باب (30) الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته، حديث رقم (5637): حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد الساعدي أن يرسل إليها، فأرسل إليها، فقدمت فنزلت في أجم بني ساعدة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءها فدخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك! فقال: قد أعذتك مني، فقالوا لها : أتدرين من هذا؟ قالت: لا، قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك، قالت: كنت أنا أشقى من ذلك. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ. حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه......
قال الحافظ في (الفتح): ووقع في كتاب (الصحابة) لأبي نعيم، من طريق عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن عمرة بنت الجون تعوذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أدخلت عليه، قال: لقد عذت بمعاذ... الحديث، وعبيد متروك. والصحيح أن اسمها أميمة بنت النعمان بن شراحبيل، كما في حديث أبي أسيد، وقال مرة: أميمة بنت شراحبيل، فنسبت لجدها، وقيل: اسمها أسماء كما سأبينه في حديث أبي أسيد مع شرحه مستوفي.
وروى ابن سعد عن الواقدي، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم الكلابية.. فذكر مثل حديث الباب. وقوله: الكلابية غلط، وإنما هي الكندية، فكأنما الكلمة تصحفت. نعم، للكلابية قصة أخرى، ذكرها ابن سعد أيضا بهذا السند إلى الزهري وقال: اسمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، فاستعاذت منه فطلقها، فكانت تلقط البعر وتقول:
أنا الشقية، قال: وتوفيت سنة ستين.
ومن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن الكندية لما وقع التخيير اختارت قومها، ففارقها، فكانت تقول: أنا الشقية. ومن طريق سعيد بن أبي هند أنها استعاذت منه فأعاذها، ومن طريق الكلبي اسمها العالية بنت ظبيان بن عمرو.
وحكى ابن سعد أيضا أن اسمها عمرة بنت يزيد بن عبيد، وقيل: بنت يزيد بن الجون. وأشار ابن سعد إلى أنها واحدة اختلف في اسمها، والصحيح أن التي استعاذت منه هي الجونية، وروى ابن سعد من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: لم تستعذ منه امرأة غيرها.
قلت: وهو الذي يغلب عليه الظن، لأن ذلك إنما وقع للمستعيذة بالخديعة المذكورة، فيبعد أن تخدع أخرى بمثل ما خدعت به، بعد شيوع الخبر بذلك.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج الجونية، واختلفوا في سبب فراقه، فقال قتادة: لما دخل عليها دعاها فقالت: تعال أنت. فطلقها، وقيل: كان بها وضح كالعامرية. قال:
وزعم بعضهم أنها قالت: أعوذ بالله منك، فقال: قد عذت بمعاذ وقد أعاذك الله مني، فطلقها.
قال: وهذا باطل، إنما قال له هذا امرأة من بني العنبر، وكانت جميلة، فخاف نساؤه أن تغلبهن عليه، فقلن لها: إنه يعجبه أن يقال له: نعوذ بالله منك، ففعلت، فطلقها. كذا قال، وما أدري لم حكم ببطلان ذلك مع كثرة الروايات الواردة فيه، وثبوته في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في (صحيح البخاري). (فتح الباري): 9 / 446 - 447.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند): 4 / 556، حديث رقم (15631)، وزاد في آخره: قال:
وقال غير أبي أحمد: امرأة من بني الجون يقال لها أمينة.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر ذريه رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 فصل في ذكر عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم 13
3 فصل في ذكر سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم 17
4 فصل في ذكر سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم 18
5 نبذة 20
6 فصل في العقب والعقاب 22
7 فصل في ذكر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم 24
8 - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد 24
9 - أم المؤمنين سودة بنت زمعة 31
10 - أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر 35
11 - غزية 44
12 أم المؤمنين حفصة بنت عمر 46
13 أم المؤمنين زينب بنت خزيمة 52
14 أم المؤمنين أم سلمة 53
15 أم المؤمنين زينب بنت جحش 57
16 أم المؤمنين أم حبيبة 63
17 أم المؤمنين جويرية بنت الحارث 82
18 أم المؤمنين صفية بنت حيي 86
19 أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث 89
20 فصل جامع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم 92
21 - أم شريك 97
22 - العالية 97
23 - الكلابية 98
24 أسماء بنت عمرو 99
25 - قتيلة بنت قيس 99
26 - الجونية 100
27 - مليكة بنت كعب 101
28 أم هانئ 102
29 - صفية بنت بشامة 104
30 - ليلى بنت الخطيم 105
31 - خولة بنت الهذيل 106
32 - شراف بنت قطام 106
33 - ضباعة بنت عامر 107
34 الكلبية 108
35 - أمامة بنت الحارث 109
36 - جمرة بنت الحارث 109
37 - درة بنت أبي سلمة 110
38 - أمامة بنت حمزة 110
39 - أم حبيب 111
40 - سناء بنت أسماء بنت الصلت 111
41 فصل في ذكر قوة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجماع 126
42 فصل في ذكر سرارى رسول الله صلى الله عليه وسلم 129
43 - مارية 129
44 - ريحانة 131
45 فصل في ذكر أسلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم 134
46 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل خديجة 134
47 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل سودة 136
48 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل عائشة 141
49 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة 146
50 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل زينب أم المساكين 149
51 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل أم سلمة 149
52 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل زينب بنت جحش 155
53 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة 157
54 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة 164
55 - أسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل مارية 171
56 فصل في ذكر أحماء رسول الله صلى الله عليه وسلم 174
57 حمو رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل خديجة 175
58 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل سودة 177
59 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل عائشة 181
60 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة 183
61 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل أم سلمة 183
62 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل زينب بنت جحش 184
63 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة 185
64 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل جويرية 186
65 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل صفية 187
66 - حموه صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة 188
67 فصل في ذكر أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم 189
68 أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل خديجة 192
69 إخوة خديجة 194
70 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل سودة 197
71 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل عائشة 201
72 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة 211
73 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل أم سلمة 220
74 - أولاد عم أم سلمة 228
75 - إخوة أم سلمة 251
76 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل زينب بنت جحش 254
77 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة 256
78 - إخوة أم حبيبة 261
79 - صهره صلى الله عليه وسلم من قبل جويرية 270
80 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة 270
81 - أصهاره رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء أعمامه 275
82 - أصهاره صلى الله عليه وسلم أزواج عماته 278
83 - أصهاره صلى الله عليه وسلم من قبل بناته 283
84 فصل في ذكر من كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولاد نسائه 295
85 فصل في ذكر موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم 302
86 فصل في ذكر إماء رسول الله صلى الله عليه وسلم 340
87 فصل في ذكر خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم 349
88 فصل في ذكر من كان يلازم باب رسول الله صلى الله عليه وسلم 352
89 فصل في ذكر الحاجب الذي كان يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم 354
90 فصل في ذكر صاحب طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم 356
91 فصل في ذكر من كان يغمز رسول الله صلى الله عليه وسلم 362
92 فصل في ذكر عدة ممن كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم 363
93 فصل في ذكر لباس رسول الله صلى الله عليه وسلم 366
94 - وأما الكلمة والقلنسوة والقناع 372
95 - وأما القميص 378
96 - وأما الرداء 381
97 - وأما القباء والمفرج 384
98 - وأما البردة 386
99 - وأما الجبة 391
100 - وأما الحلة 395