حكمه صلى الله عليه وسلم وقضائه بالخروج من الإيمان، قال تعالى: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ (١)، فأقسم سبحانه وتعالى بأن أحدا لا يؤمن حتى يحكم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، ثم مع تحكيمه إياه لا يجد في نفسه كرها لما قضى به عليه مما هو مخالف لهواه، بل يرضى بما حكم به، ويسلم لأمره تسليما لا شائبة فيه من اعتراض ولا تعقيب.
وانظر - أعزك الله وهداك - كيف أقسم تعالى بإضافة الرب إلى كاف الخطاب، يتبين لك تعظيمه تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم، (حتى) هنا: غاية، أي ينتفي عنهم الإيمان إلى هذه الغاية، فإذا وجد ما بعد الغاية كانوا مؤمنين، و (فيما شجر بينهم)، في كل أمر دنيوي وأخروي وقع بينهم فيه تنازع وتجاذب، ومعنى (يحكموك): يجعلونك حكما، وفي الكلام حذف تقديره: فتقضي بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا، أي ضيقا من حكمك.
وقال مجاهد: شكا، لأن الشاك في ضيق من أمره حتى يلوح له الشأن، وقال الضحاك: إثما، أي سبب إثم، والمعنى: لا يخطر ببالهم ما يأثمون به من عدم الرضي، وقيل: هما وحزنا، ويسلموا: أي ينقادوا يذعنوا لقضائك لا يعارضون فيه بشئ، قال ابن عباس رضي الله عنهما والجمهور.
وقيل: معناه ويسلموا: أي سارعوا فيه لحكمك، ذكره الماوردي، وأكد تعلق الفعل بالمصدر على سبيل صدور التسليم حقيقة.
قال المفسرون والأئمة: طاعة الرسول في التزام محبته والتسليم لما جاء به، وقالوا: وما أرسل الله من رسول إلا فرض طاعته على من أرسله إليه، وقالوا: من يطع الرسول في سنته يطع الله في فرائضه.
وسئل سهل بن عبد الله عن شرائع الإسلام فقال: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه﴾ (2)، وقال السمرقندي: يقال: أطيعوا الله في فرائضه والرسول في سننه، وقيل: أطيعوا الله فيما حرم عليكم والرسول فيما بلغكم، ويقال: أطيعوا الله