إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ١٣٤
بالشهادة له بالربوبية، والنبي بالشهادة له بالنبوة.
وخرج البخاري في كتاب الأحكام من حديث الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع [من] (1) أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصى أميري فقد عصاني (2). وخرجه مسلم مثله

(1) زيادة في السياق.
(2) قوله صلى الله عليه وسلم: " من أطاعني فقد أطاع الله "، هذه الجملة منتزعة من قوله تعالى: (من يطع الله الرسول فقد أطاع الله)، أي أني لا آمر إلا بما أمر الله به، فمن فعل ما آمره به فإنما أطاع من أمرني أن آمره، ويحتمل أن يكون المعنى لأن الله أمر بطاعتي فمن أطاعني فقد أطاع أمر الله له بطاعتي، وفي المعصية كذلك. والطاعة هي الإتيان بالمأمور به، والانتهاء عن المنهي عنه، والعصيان بخلافه.
قوله صلى الله عليه وسلم: " ومن أطاع أميري فقد أطاعني "، في رواية (همام)، و (الأعرج) وغيرهما عند مسلم: " ومن أطاع الأمير "، يمكن رد اللفظين لمعنى واحد، فإن كل من يأمر بحق وكان عادلا فهو أمير الشارع، لأنه تولى بأمره وبشريعته، ويؤيده توحيد الجواب في الأمرين، وهو قوله: صلى الله عليه وسلم: " فقد أطاعني "، أي عمل بما شرعته، وكأن الحكمة في تخصيص أميره بالذكر، أنه المراد وقت الخطاب، ولأنه سبب ورود الحديث.
وأما الحكم، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص سبب، ووقع في رواية همام أيضا: " ومن يطع الأمير فقد أطاعني " بصيغة المضارع، وكذا " ومن يعص الله الأمير فقد عصاني " وهو أدخل في إرادة تعميم من خوطب ومن جاء بعد ذلك.
قال ابن التين: قيل: كانت قريش ومن يليها من العرب لا يعرفون الإمارة، فكانوا يمتنعون على الأمراء، فقال هذا القول يحثهم على طاعة من يؤمر هم عليهم، والانقياد لهم، إذا بعثهم في السرايا، وإذا ولاهم البلاد، فلا يخرجوا عليهم، لئلا تتفرق الكلمة.
قال الحافظ في الفتح: هي عبارة الشافعي في (الأم)، ذكره في سبب نزولها، وعجبت لبعض شيوخنا الشراح من الشافعية، فكيف قنع بنسبة هذا إلى ابن التين، معبرا عنه بصيغة " قيل "، وابن التين إنما أخذ من كلام الخطابي؟
ووقع عند أحمد، وأبي يعلي، والطبراني، من حديث ابن عمر، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال: ألستم تعلمون أن من أطاعني فقد أطاع الله، وأن من طاعة الله طاعتي؟ قالوا: بلى نشهد، قال: فإن من طاعتي أن تطيعوا أمرائكم. وفي لفظ " أئمتكم ".
وفي الحديث وجوب طاعة ولاه الأمور، وهي مقيدة بغير الأمر بالمعصية، والحكمة في الأمر بطاعتهم، المحافظة على اتفاق الكلمة، لما في الافتراق من الفساد، والله أعلم. (فتح الباري):
13 / 139 - 142، كتاب الأحكام، باب (1) (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، حديث رقم (7137).
(3) (مسلم بشرح النووي): 12 / 464، كتاب الإمارة، باب (8) وجوب طاعة الأمراء من غير معصية وتحريمها في المعصية، حديث رقم (32)، (33):
قال الإمام النووي: أجمع العلماء على وجوبها في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية، قال العلماء:
المراد بأولي الأمر، من أوجب الله طاعته من ولاة والأمراء، هذا قول جماهير من السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم. وقيل: هم الأمراء والعلماء، وأما من قال: الصحابة خاصة فقد أخطأ. (المرجع السابق).
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396