اقتده) (1)، قلت: هذا صحيح، فقد قال تعالى: (فبهداهم)، وهداهم من الله وهو شرعه صلى الله عليه وسلم، أي الزم شرعك الذي أظهرته نوابك من إقامة الدين وعدم التفرق فيه، ولم يقل سبحانه: فبهم اقتد، وكذا قال سبحانه: (ثم أوحينا إليك أن أتبع ملة إبراهيم حنيفا (2) وهو الدين، فهو صلى الله عليه وسلم مأمور باتباع الدين، فإن أصل الدين إنما هو من الله تعالى لا من غيره، وأين هذا من قوله صلى الله عليه وسلم: لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني؟ فأضاف الاتباع إليه، وأمر هو صلى الله عليه وسلم باتباع الدين لا باتباع الأنبياء، فإن السلطان الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم إلا له، فإذا غاب حكم النائب بمراسمه، فهو الحاكم في الحقيقة غيبا وشهادة، مما قيل في شرفه:
فإنك شمس والملوك كواكب * إذا ظهرت لم يبد منهن كوكب (3) فانظر ما أبدع هذا الفضل الذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لم ينتبه إليه إلا من شاء الله، وقليل ما هم، والله يختص برحمته من يشاء.
* * *