إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ١٤٧
ضلالة (1). وأخرجه الترمذي (2) وقال: حديث حسن صحيح.
وخرج بقي بن مخلد من حديث زيد بن الجناب عن معاوية بن صالح قال:
حدثني الحسن بن جابر أنه سمع المقدام بن معد يكرب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يوشك برجل متكئ على أريكته يحدث بحديثي يقول: بيننا وبينكم كتاب الله،

(١) قوله: " فسلمنا "، أي على العرباض، " زائرين " من الزيارة، " وعائدين " من العبادة، " ومقتبسين "، أي محصلين منك العلم، " ذرفت "، أي دمعت، " ووجلت "، أي خافت، " كأن هذه موعظة مودع "، فإن المودع - بالكسر الدال - عند الوداع، لا يترك شيئا مما يهم المودع - بفتح الدال - أي كأنك تودعنا بها، لما رأى من مبالغته صلى الله عليه وسلم في الموعظة، " فماذا تعهد "، أي توصي، " وإن عبدا حبشيا " أي وإن كان المطاع عبدا حبشيا.
قال الخطابي: يريد به طاعة من ولا ه الإمام عليكم وإن كان عبدا حبشيا، ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبدا حبشيا. وقد ثبت صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الأئمة من قريش "، وقد يضرب المثل في الشئ بما لا يكاد يصح في الوجود، كقوله صلى الله عليه وسلم: " من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة، بنى الله له بيتا في الجنة "، قدر مفحص قطاة لا يكون مسجدا لشخص آدمي، ونظائر هذا الكلام كثير.
قوله صلى الله عليه وسلم: " وعضوا عليها بالنواجذ "، جمع ناجذة بالذال المعجمة، قيل: هو الضرس الأخير، وقيل: هو مرادف السن، وهو كناية عن شدة ملازمة السنة والتمسك بها. وقال الخطائي: وقد يكون معناه أيضا الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات الله، كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: " إياكم ومحدثات الأمور "، قال الحافظ ابن رجب في كتاب (جامع العلوم والحكم): فيه تحذير للأمة من اتباع الأمور المحدثة المبتدعة، وأكد ذلك بقوله: " وكل بدعة ضلالة ". والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا، وإن كان بدعة لغة.
فقوله صلى الله عليه وسلم: " وكل بدعة ضلالة "، من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شئ، وهو أصل عظيم من أصول الدين. وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه في التراويح: " نعمت البدعة هذه "، وروى عنه أنه قال: " إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة "، ومن ذلك أذان الجمعة الأول، زاده عثمان لحاجة الناس إليه، وأقره علي، واستمر عمل المسلمين عليه. وروى عن ابن عمر أنه قال: هو بدعة، ولعله أراد ما أراد أبوه في التراويح. (عون المعبود): ١٢ / ٢٣٤، كتاب السنة، باب التمسك بالسنة، حديث رقم (4594).
(2) قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وليس في حديثهما ذكر حجر بن حجر، غير أن الترمذي أشار إليه تعليقا، وقال الترمذي: حسن صحيح.
والخلفاء: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي: والمحدث على قسمين: محدث ليس له أصل إلا الشهوة والعمل بالإرادة فهذا باطل، وما كان على قواعد الأصول أو مردود إليها فليس ببدعة ولا ضلالة.
(المرجع السابق): 235.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396