به مضطر إلى النطق باللسان، وهذه الحالة المحمودة التامة، وأما الحال المذمومة:
فالشهادة باللسان دون تصديق القلب، وهذا هو النفاق، قال: وللفرق بين القول والعقد ما جعل في حديث جبريل عليه السلام، الشهادة من الإسلام، والتصديق من الإيمان، وبقيت [أخريان بين هذين] (1).
إحداهما: أن يصدق بقلبه ثم (2) قبل اتساع وقت للشهادة بلسانه، فاختلف فيه فشرط بعضهم من تمام الإيمان القول والشهادة به، ورآه بعضهم مؤمنا مستوجبا للجنة لقوله صلى الله عليه وسلم: يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان (3)، فلم يذكر سوى ما في القلب، وهذا مؤمن بقلبه غير عاص ولا مفرط بترك غيره، وهذا هو الصحيح في هذا الوجه.
الثانية: أن يصدق بقلبه ويطول مهله وعلم ما يلزمه من الشهادة فلم ينطق بها جملة، ولا استشهد في عمره ولا مرة، فهذا اختلف فيه أيضا فقيل: هو مؤمن لأنه مصدق، والشهادة من جملة الأعمال، فهو عاص بتركها غير مخلد [في النار] (4)، وقيل: ليس بمؤمن حتى يقارن عقده بشهادة، إذ الشهادة إنشاء عقد وإلزام إيمان، وهي مرتبطة مع العقد، ولا يتم التصديق مع المهملة إلا بها، وهذا هو الصحيح.
وخرج الحاكم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سعيد بن هيثم، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار، فجعلت أقول:
أين (5) تصديقها في كتاب الله، [وقل ما سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وجدت