وإحسانه إلى الطلبة كثير، وكان لا يقتني شيئا ويصرف مرتبه وجامكية مدرسته في مصالحه، وقد درس بالادرائية من سنة سبعين وستمائة إلى عامه هذا، توفي بكرة يوم الجمعة سابع جمادى الأولى بالمدرسة المذكورة، وصلي عليه عقب الجمعة بالجامع وحملت جنازته على الرؤوس وأطراف الأنامل، وكانت حافلة، ودفن عند أبيه وعمه وذويه بباب الصغير رحمه الله تعالى.
الشيخ الامام العالم الزاهد الورع مجد الدين إسماعيل الحراني الحنبلي، ولد سنة ثمان (1) وأربعين وستمائة، وقرأ القراءات وسمع الحديث في دمشق حين انتقل مع أهله إليها سنة إحدى وسبعين، واشتغل على الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، ولازمه وانتفع به، وبرع في الفقه وصحة النقل وكثرة الصمت عما لا يعنيه، ولم يزل مواظبا على جهاته ووظائفه لا ينقطع عنها إلا من عذر شرعي، إلى أن توفي ليلة الأحد تاسع جمادى الأولى ودفن بباب الصغير رحمه الله. وفي هذا الحين توفي:
الصاحب شرف الدين يعقوب بن عبد الله (2) الذي كان ناظر الدواوين بحلب، ثم انتقل إلى نظرها بطرابلس. توفي بحماة، وكان محبا للعلماء وأهل الخير، وفيه كرم وإحسان، وهو والد القاضي ناصر الدين كاتب السر بدمشق، وقاضي العساكر الحلبية ومشيخة الشيوخ بالسمساطية، ومدرس الأسدية بحلب، والناصرية والشامية الجوانية بدمشق.
القاضي معين الدين هبة الله بن علم الدين مسعود بن أبي المعالي عبد الله بن أبي الفضل بن الخشيشي (3) الكاتب وناظر الجيش بمصر في بعض الأحيان، ثم بدمشق مدة طويلة مستقلا ومشاركا لقطب الدين ابن شيخ السلامية، وكان خبيرا بذلك يحفظه على ذهنه، وكانت له يد جيدة في العربية والأدب والحساب وله نظم جيد، وفيه تردد وتواضع. توفي بمصر (4) في نصف جمادى الآخرة ودفن بتربة الفخر كاتب المماليك.