كيسان، وشرع الصناع في فتحه عن مرسوم السلطان الوارد من الديار المصرية، وأمر نائب السلطنة وإذن القضاة في ذلك، واستهل رمضان وهو في العمل فيه.
وفي العشر الأخير من شعبان توفي الشريف شمس الدين محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسني المحدث المحصل، المؤلف لأشياء مهمة، وفي الحديث قرأ وسمع وجمع وكتب أسماء رجال بمسند الإمام أحمد، واختصر كتابا في أسماء الرجال مفيدا (1)، وولي مشيخة الحديث التي وقفها في داره بهاء الدين القاسم بن عساكر، داخل باب توما، وختمت البخاريات في آخر شهر رمضان.
ووقع بين الشيخ عماد الدين بن السراج قارئ البخاري عند محراب الصحابة، وبين الشيخ بدر الدين بن الشيخ جمال الدين الشريشي، وتهاترا على رؤوس الاشهاد بسبب لفظة " يبتز " بمعنى يدخر، وفي نسخة يتير، فحكى ابن السراج عن الحافظ المزي، فانتصر الآخر للحافظ المزي، فقاد منه بالقول ثم قام والده الشيخ جمال الدين المشار إليه فكشف رأسه على طريقة الصوفية، فكأن ابن السراج لم يلتفت إليه، وتدافعوا إلى القاضي الشافعي فانتصر للحافظ المزي، وجرت أمور، ثم اصطلحوا غير مرة وعزم أولئك على كتب محضر على ابن السراج، ثم انطفأت تلك الشرور.
وكثر الموت في أثناء شهر رمضان وقاربت العدة مائة، وربما جاوزت المائة، وربما كانت أقل منها وهو الغالب، ومات جماعة من الأصحاب والمعارف، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكثر الجراد في البساتين وعظم الخطب بسببه، وأتلف شيئا كثيرا من الغلات والثمار والخضراوات، وغلت الأسعار وقلت الثمار، وارتفعت قيم الأشياء فبيع الدبس بما فوق المائتين القنطار، والرز بأزيد من ذلك وتكامل فتح باب كيسان وسموه الباب القبلي، ووضع الجسر منه إلى الطريق السالكة، وعرضه أزيد من عشرة أذرع بالنجاري لأجل عمل الباسورة جنبتيه، ودخلت المارة عليه من المشاة والركبان، وجاء في غاية الحسن، وسلك الناس في حارات اليهود، وانكشف دخلهم وأمن الناس من دخنهم وفشهم ومكرهم وخبثهم، وانفرج الناس بهذا الباب المبارك.
واستهل شوال والجراد قد أتلف شيئا كثيرا من البلاد، ورعى الخضراوات والأشجار، وأوسع أهل الشام في الفساد، وغلت الأسعار، واستمر الفناء وكثر الضجيج والبكاء، وفقدنا.