موقعي الدست بدمشق، وصلي عليه يوم الأربعاء ودفن بالسفح.
وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين منه خطب قاضي القضاة جمال الدين الكفري الحنفي بجامع يلبغا عوضا عن الشيخ ناصر الدين بن القونوي رحمه الله تعالى، وحضر عنده نائب السلطنة الأمير سيف الدين قشتمر، وصلى معه قاضي القضاة تاج الدين الشافعي بالشباك الغربي القبلي منه، وحضر خلق من الأمراء والأعيان، وكان يوما مشهودا، وخطب ابن نباتة بأداء حسن وفصاحة بليغة، هذا مع علم أن كل مركب صعب. وفي يوم السبت خامس عشر جمادى الآخرة توجه الشيخ شرف الدين القاضي الحنبلي إلى الديار المصرية بطلب الأمير سيف الدين يلبغا في كتاب كتبه إليه يستدعيه ويستحثه في القدوم عليه.
وفي يوم الثلاثاء ثاني شهر رجب سقط اثنان سكارى من سطح بحارة اليهود، أحدهما مسلم والآخر يهودي، فمات المسلم من ساعته وانقلعت عين اليهودي وانكسرت يده لعنه الله، وحمل إلى نائب السلطنة فلم يحر جوابا.
ورجع الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل بعد ما قارب غزة لما بلغه من الوباء بالديار المصرية فعاد إلى القدس الشريف، ثم رجع إلى وطنه فأصاب السنة، وقد وردت كتب كثيرة تخبر بشدة الوباء والطاعون بمصر، وأنه يضبط من أهلها في النهار نحو الألف، وأنه مات جماعة ممن يعرفون كولدي قاضي قضاة تاج الدين المناوي، وكاتب الحكم ابن الفرات، وأهل بيته أجمعين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وجاء الخبر في أواخر شهر رجب بموت جماعة بمصر منهم أبو حاتم بن الشيخ بهاء الدين السبكي المصري بمصر، وهو شاب لم يستكمل العشرين، وقد درس بعدة جهات بمصر وخطب، ففقده والده وتأسف الناس عليه وعزوا فيه عمه قاضي القضاة تاج الدين السبكي قاضي الشافعية بدمشق، وجاء الخبر بموت قاضي القضاة شهاب الدين أحمد الرباجي المالكي، كان بحلب وليها مرتين ثم عزل فقصد مصر واستوطنها مدة ليتمكن من السعي في العودة فأدركته منيته في هذه السنة من الفناء وولدان له معه أيضا. وفي يوم السبت سادس شعبان توجه نائب السلطنة في صحبة جمهور الأمراء إلى ناحية تدمر لأجل الاعراب من أصحاب خيار بن مهنا، ومن التف عليه منهم، وقد دمر بعضهم بلد تدمر وحرقوا كثيرا من أشجارها، ورعوها وانتهبوا شيئا كثيرا، وخرجوا من الطاعة، وذلك بسبب قطع إقطاعاتهم وتملك أملاكهم والحيلولة عليهم، فركب نائب السلطنة بمن معه كما ذكرنا، لطردهم عن تلك الناحية، وفي صحبتهم الأمير حمزة بن الخياط، أحد أمراء الطبلخانات، وقد كان حاجبا لخيار قبل ذلك، فرجع عنه وألب عليه عند الأمير الكبير يلبغا الخاصكي، ووعده إن هو أمره وكبره أن يظفره بخيار وأن يأتيه برأسه، ففعل معه ذلك، فقدم إلى دمشق ومعه مرسوم بركوب الجيش معه إلى خيار وأصحابه، فساروا كما ذكرنا، فوصلوا إلى