التربخاناة أحد أمراء الطبلخانات بمصر صبيحة يوم الأربعاء سادس عشر الشهر، فضربت البشائر بالقلعة وطبلخانات الأمراء على أبوابهم، وزين البلد بكماله، وأخذت البيعة له صبيحة يومه بدار السعادة وخلع عن نائب السلطنة تشريف هائل، وفرح أكثر الأمراء والجند والعامة ولله الامر، وله الحكم. قال تعالى (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء) الآية [آل عمران: 26]. ووجد على حجر بالحميرية فقرئت للمأمون فإذا مكتوب: ما اختلف الليل والنهار ولا * دارت نجوم السماء في الفلك إلا لنقل النعيم من ملك * قد زال سلطانه إلى ملك وملك ذي العرش دائم أبدا * ليس بفان ولا بمشترك وروي عن سليمان بن عبد الملك بن مروان أنه خرج يوما لصلاة الجمعة، وكان سوي الخلق حسنه، وقد لبس حلة خضراء، وهو شاب ممتلئ شبابا، وينظر في أعطافه ولباسه، فأعجبه ذلك من نفسه، فلما بلغ إلى صرحة الدار تلقته جنية في صورة جارية من حظاياه فأنشدته:
أنت نعم لو كنت تبقى * غير أن لا حياة للانسان ليس فيما علمت فيك عيب * يذكر غير أنك فان فصعد المنبر الذي في جامع دمشق وخطب الناس، وكان جهوري الصوت يسمع أهل الجامع وهو قائم على المنبر، فضعف صوته قليلا قليلا حتى لم يسمعه أهل المقصورة، فلما فرغ من الصلاة حمل إلى منزله فاستحضر تلك الجارية التي تبدت تلك الجنية على صورتها، وقال: كيف أنشدتيني تينك البيتين؟ فقالت: ما أنشدتك شيئا. فقال: الله أكبر نعيت والله إلي نفسي. فأوصى أن يكون الخليفة من بعده ابن عمه عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
وقدم نائب طرابلس المعزول عليلا والأمير سيف الدين استدمر الذي كان نائب دمشق وكانا مقيمان بطرابلس جميعا، في صبيحة يوم السبت السادس والعشرين منه، فدخلا دار السعادة فلم يحتفل بهما نائب السلطنة.
وتكامل في هذا الشهر تجديد الرواق غربي الناطفانيين إصلاحا بدر ابزيناته وتبييضا لجدرانه ومحراب فيه، وجعل له شبابيك في الدرا بزينات، ووقف فيه قراءة قرآن بعد المغرب، وذكروا أن شخصا رأى مناما فقصه على نائب السلطنة فأمر بإصلاحه. وفيه نهض بناء المدرسة التي إلى جانب هذا المكان من الشباك، وقد كان أسسها أولا علم الدين بن هلال، فلما صودر أخذت منه وجعلت مضافة إلى السلطان، فبنوا فوق الأساسات وجعلوا لها خمسة شبابيك من شرقها، وبابا قبليا، ومحرابا وبركة وعراقية، وجعلوا حائطها بالحجارة البيض والسود، وكملوا عاليها بالآجر، وجاءت