فضربت عنقه أيضا في هذا اليوم في سوق الخيل ولله الحمد والمنة.
وفي ثالث عشر شوال خرج المحمل السلطاني وأميره الأمير ناصر الدين بن قراسنقر وقاضي الحجيج الشيخ شمس الدين محمد بن سند المحدث، أحد المفتيين.
وفي أواخر شهر شوال أخذ رجل يقال له حسن، كان خياطا بمحلة الشاغور، ومن شأنه أن ينتصر لفرعون لعنه الله، ويزعم أنه مات على الاسلام ويحتج بأنه في سورة يونس حين أدركه الغرق قال (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) [يونس: 90] ولا يفهم معنى قوله (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) [يونس: 91] ولا معنى قوله (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) [النازعات: 25] ولا معنى قوله (فأخذناه أخذا وبيلا) [المزمل: 16] إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة الدالة على أن فرعون أكفر الكافرين كما هو مجمع عليه بين اليهود والنصارى والمسلمين.
وفي صبيحة يوم الجمعة سادس القعدة قدم البريد بطلب نائب السلطنة إلى الديار المصرية في تكريم وتعظيم، على عادة تنكز، فتوجه النائب إلى الديار المصرية وقد استصحب معه تحفا سنية وهدايا معظمة تصلح للإيوان الشريف. في صبيحة السبت رابع عشره، خرج ومعه القضاة والأعيان من الحجبة والأمراء لتوديعه. وفي أوائل ذي الحجة ورد كتاب من نائب السلطنة بخطه إلى قاضي القضاة تاج الدين الشافعي يستدعيه إلى القدس الشريف، وزيارة قبر الخليل، ويذكر فيه ما عامله به السلطان من الاحسان والاكرام والاحترام والاطلاق والانعام من الخيل والتحف والمال والغلات فتوجه نحوه قاضي القضاة يوم الجمعة بعد الصلاة رابعه على ستة من خيل البريد، ومعه تحف وما يناسب من الهدايا، وعاد عشية يوم الجمعة ثامن عشره إلى بستانه.
ووقع في هذا الشهر والذي قبله سيول كثيرة جدا في أماكن متعددة، من ذلك ما شاهدنا آثاره في مدينة بعلبك، أتلف شيئا كثيرا من الأشجار، واخترق أماكن كثيرة متعددة عندهم، وبقي آثار سيحه على أماكن كثيرة، ومن ذلك سيل وقع بأرض جعلوص أتلف شيئا كثيرا جدا، وغرق فيه قاضي تلك الناحية، ومعه بعض الأخيار، كانوا وقوفا على أكمة فدهمهم أمر عظيم، ولم يستطيعوا دفعه ولا منعه، فهلكوا. ومن ذلك سيل وقع بناحية حسة جمال فهلك به شئ كثير من الأشجار والأغنام والأعناب وغيرها. ومن ذلك سيل بأرض حلب هلك به خلق كثير من التركمان وغيرهم، رجالا ونساء وأطفالا وغنما وإبلا. قرأته من كتاب من شاهد ذلك عيانا، وذكر أنه سقط عليهم برد وزنت الواحدة منه فبلغت زنتها سبعمائة درهم وفيه ما هو أكبر من ذلك وأصغر، انتهى.