ذا ذكاء وفطنة وكلام وبصيرة جيدة، وكان كثير المحبة إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله، ولأصحابه خصوصا، ولكل من يراه من أهل العلم عموما، وكان فيه إيثار وإحسان ومحبة الفقراء والصالحين، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون رحمه الله، وفي يوم السبت الخامس عشر منه جاءت زلزلة بدمشق لم يشعر بها كثير من الناس لخفتها ولله الحمد والمنة، ثم تواترت الاخبار بأنها شعثت في بلاد حلب شيئا كثيرا من العمران حتى سقط بعض الأبراج بقلعة حلب، وكثير من دورها ومساجدها ومشاهدها وجدرانها، وأما في القلاع حولها فكثير جدا، وذكروا أن مدينة منبج لم يبق منها إلا القليل، وأن عامة الساكنين بها هلكوا تحت الردم رحمه الله:
وفي أواخر شهر شوال خرجت التجاريد إلى الكرك وهما أميران مقدمان الأمير علاء الدين قراسنقر، والأمير الحاج بيدمر، واشتهر في هذه الأيام أن أمر الكرك قد ضعف وتفاقم عليهم الامر وضاقت الأرزاق عندهم جدا، ونزل منها جماعات من رؤسائها وخاصكية الأمير أحمد بن الناصر مخامرين عليه، فسيروا من الصبح إلى قلاوون وصحبتهم مقدمون من الحلقة إلى الديار المصرية، وأخبروا أن الحواصل عند أحمد قد قلت جدا فالله المسؤول أن يحسن العاقبة.
وفي ليلة الأربعاء الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة توفي القاضي الامام العلامة برهان الدين بن عبد الحق شيخ الحنفية وقاضي القضاة بالديار المصرية مدة طويلة، بعد ابن الحريري، ثم عزل وأقام بدمشق ودرس في أيام تغردمر بالعذراوية لولده القاضي أمين الدين، فذكر بها الدرس يوم الأحد قبل وفاة والده بثلاثة أيام، وكان موت برهان الدين رحمه الله ببستانه من أراضي الأرزة بطريق الصالحية، ودفن من الغد بسفح قاسيون بمقبرة الشيخ أبي عمر رحمه الله، وصلي عليه بالجامع المظفري، وحضر جنازته القضاة والأعيان والأكابر رحمه الله.
ثم دخلت سنة خمس وأربعين وسبعمائة استهلت هذه السنة وسلطان الديار المصرية والديار الشامية وما يتعلق بذلك الملك الصالح ابن إسماعيل بن السلطان الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون، وقضاته بالديار المصرية والشامية هم المذكورون في السنة المتقدمة، ونائبه بمصر الحاج سيف الدين ووزيره المتقدم ذكره، وناظر الخاص القاضي مكين الدين، وناظر الجيوش القاضي علم الدين ابن القطب، والمحتسب المتقدم، وشاد الدواوين علم الدين الناصري، وشاد الأوقاف الأمير حسام الدين النجيبي، ووكيل بيت المال القاضي علاء الدين شرنوخ، وناظر الخزانة القاضي تقي الدين بن أبي الطيب، وبقية المباشرين والنظار هم المتقدم ذكرهم، وكاتب الدست القاضي بدر الدين بن فضل الله كاتب السر، والقاضي أمين الدين بن القلانسي والقاضي شهاب الدين بن القيسراني، والقاضي شرف الدين بن شمس الدين بن الشهاب محمود، والقاضي علاء الدين شرنوخ.