الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف، فقال ابن عباس: بل كل واحدة خير من عشرة آلاف.
وقال الواقدي: حدثنا عبد الله بن الفضل بن أبي عبد الله، عن أبيه عن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات. قلت: وشهد فتح إفريقية سنة سبع وعشرين مع ابن أبي سرح، وقال الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه قال: نظر أبي إلى ابن عباس يوم الجمل يمشي بين الصفين، فقال: أقر الله عين من له ابن عم مثل هذا، وقد شهد مع علي الجمل وصفين وكان أميرا على الميسرة، وشهد معه قتال الخوارج وكان ممن أشار على علي أن يستنيب معاوية على الشام، وأن لا يعزله عنها في بادئ الامر، حتى قال له فيما قال: إن أحببت عزله فوله شهرا واعزله دهرا، فأبى علي إلا أن يقاتله، فكان ما كان مما قد سبق بيانه. ولما تراوض الفريقان على تحكيم الحكمين طلب ابن عباس أن يكون من جهة علي ليكافئ عمرو بن العاص، فامتنعت مذحج وأهل اليمن إلا أن يكون من جهة علي أبو موسى الأشعري، وكان من أمر الحكمين ما سلف. وقد استنابه علي على البصرة، وأقام للناس الحج في بعض السنين فخطب بهم في عرفات خطبة وفسر فيها سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، قال من سمعه: فسر ذلك تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا. وهو أول من عرف بالناس في البصرة، فكان يصعد المنبر ليلة عرفة ويجتمع أهل البصرة حوله فيفسر شيئا من القرآن، ويذكر الناس من بعد العصر إلى الغروب، ثم ينزل فيصلي بهم المغرب، وقد اختلف العلماء بعده في ذلك، فمنهم من كره ذلك وقال: هو بدعة لم يعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه إلا ابن عباس، ومنهم من استحب ذلك لأجل ذكر الله وموافقة الحجاج.
وقد كان ابن عباس ينتقد على علي في بعض أحكامه فيرجع إليه علي في ذلك، كما قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن عكرمة أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الاسلام فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم بالنار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تعذبوا بعذاب الله " بل كنت قاتلهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه ". فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن عباس (1)، وفي رواية ويح ابن عباس إنه لغواص على الهنات وقد كافأه علي فإن ابن عباس كان يرى إباحة المتعة، وأنها باقية، وتحليل الحمر الانسية، فقال علي: إنك امرؤ تائه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الانسية يوم خيبر ". وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما، وله ألفظ هذا من أحسنها والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقال البيهقي: أنبأ أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا بكر بن المؤمل يقول: سمعت أبا