رحمه الله أبيض شديد البياض كثير الشعر كبير العينين جعد الشعر أقنى الانف، مدور الرأس، جميل الوجه كثير شعر الوجه دقيقه حسن الجسم. قال أبو زرعة الدمشقي: معاوية وعبد الرحمن وخالد أخوه، وكانوا من صالحي القوم وقال فيه بعض الشعراء - وهو عبد الله بن همام البلوي:
تلقاها يزيد عن أبيه * فدونكها معاوي عن يزيدا أديروها بني حرب عليكم * ولا ترموا بها الغرض البعيدا ويروى أن معاوية بن يزيد هذا نادى في الناس الصلاة جامعة ذات يوم، فاجتمع الناس فقال لهم فيما قال: يا أيها الناس! إني قد وليت أمركم وأنا ضعيف عنه، فإن أحببتم تركتها لرجل قوي كما تركها الصديق لعمر، وإن شئتم تركتها شورى في ستة منكم كما تركها عمر بن الخطاب، وليس فيكم من هو صالح لذلك، وقد تركت لكم أمركم فولوا عليكم من يصلح لكم (1). ثم نزل ودخل منزله فلم يخرج منه حتى مات رحمه الله تعالى. ويقال إنه سقي ويقال إنه طعن.
ولما دفن حضر مروان دفنه فلما فرغ منه قال مروان: أتدرون من دفنتم؟ قالوا: نعم معاوية بن يزيد، فقال مروان: هو أبو ليلى الذي قال فيه أرثم الفزاري:
إني أرى فتنة تغلي (2) مراجلها * والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا قالوا: فكان الامر كما قال، وذلك أن أبا ليلى توفي من غير عهد منه إلى أحد، فتغلب إلى الحجاز عبد الله بن الزبير، وعلى دمشق وأعمالها مروان بن الحكم، وبايع أهل خراسان سلم بن زياد حتى يتولى على الناس خليفة، وأحبوه محبة عظيمة، وسار فيهم سلم سيرة حسنة أحبوه عليها، ثم أخرجوه من بين أظهرهم. وخرج القراء والخوارج بالبصرة وعليهم نافع بن الأزرق، وطردوا عنهم عبيد الله بن زياد بعد ما كانوا بايعوه عليهم حتى يصير للناس إمام، فأخرجوه عنهم، فذهب إلى الشام بعد فصول يطول ذكرها، وقد بايعوا بعده عبد الله بن الحارث بن نوفل المعروف ببة، وأمه هند بنت أبي سفيان، وقد جعل على شرطة البصرة هميان بن عدي السدوسي، فبايعه الناس في مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وستين، وقد قال الفرزدق:
وبايعت أقواما وفيت بعهدهم * وببة قد بايعته غير نادم فأقام فيها أربعة أشهر ثم لزم بيته، فكتب أهل البصرة إلى ابن الزبير فكتب ابن الزبير إلى