على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله؟ فقال: يا هذا إن الرائد لا يكذب أهله، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بقتال ثلاثة مع علي، بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فأما الناكثون فقد قاتلناهم وهم أهل الجمل، طلحة والزبير، وأما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم - يعني معاوية وعمرا - وأما المارقون فهم أهل الطرفات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروان، والله ما أدري أين هم ولكن لابد من قتالهم إن شاء الله. قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار:
" يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت مذ ذاك مع الحق والحق معك، يا عمار بن ياسر إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس غيره فاسلك مع علي فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى، يا عمار من تقلد سيفا أعان به عليا على عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من در، ومن تقلد سيفا أعان به عدو علي عليه قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار فقلنا: يا هذا! حسبك رحمك الله حسبك رحمك الله "، هذا السياق الظاهر أنه موضوع وآفته من جهة المعلى بن عبد الرحمن فإنه متروك الحديث.
فصل قال الهيثم بن عدي في كتابه الذي جمعه في الخوارج وهو من أحسن ما صنف في ذلك قال: وذكر عيسى بن دآب قال: لما انصرف علي رضي الله عنه من النهروان قام في الناس خطيبا فقال: بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بعد فإن الله قد أعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام فقاموا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين نفذت نبالنا وكلت سيوفنا ونصلت أسنتنا (1)، فانصرف بنا إلى مصرنا حتى نستعد بأحسن عدتنا، ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من فارقنا وهلك منا فإنه أقوى لنا على عدونا - وكان الذي تكلم بهذا الأشعث بن قيس الكندي فبايعهم وأقبل بالناس حتى نزل بالنخيلة وأمرهم أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا أنفسهم على جهاد عدوهم ويقلوا زيارة نسائهم وأبنائهم، فأقاموا معه أياما متمسكين برأيه وقوله، ثم تسللوا حتى لم يبق منهم أحد إلا رؤوس أصحابه (2)، فقام علي فيهم خطيبا فقال:
الحمد لله فاطر الخلق وفالق الاصباح وناشر الموتى وباعث من في القبور، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأوصيكم بتقوى الله فإن أفضل ما توسل به العبد الايمان والجهاد في سبيله وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة، فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها من فريضته، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذابه، وحج البيت فإنه منفاة للفقر مدحضة للذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال، منسأة في الاجل، محبة في الأهل، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة وتطفئ غضب الرب، وصنع المعروف فإنه يدفع ميتة السوء ويقي مصارع الهول،