أفيضوا في ذكر الله فإنه أحسن الذكر، وارغبوا فيما وعد المتقون فإن وعد الله أصدق الوعد، واقتدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنه أفضل الهدى، واستسنوا بسنته فإنها أفضل السنن، وتعلموا كتاب الله فإنه أفضل الحديث، وتفقهوا في الدين فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه شفاء لما في الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أحسن القصص، وإذا قرئ عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون، وإذا هديتم لعلمه فاعملوا بما علمتم به لعلكم تهتدون، فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الجائر الذي لا يستقيم عن جهله، بل قد رأيت أن الحجة أعظم، والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه على هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما مضلل مثبور، لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم فتذهلوا، ولا تذهلوا في الحق فتخسروا، ألا وان من الحزم أن تثقوا، ومن الثقة أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه، من يطع الله يأمن ويستبشر، ومن يعص الله يخف ويندم، ثم سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية، وخير ما دام في القلب اليقين، إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها وكل محدث بدعة وكل محدث مبتدع، ومن ابتدع فقد صيع، وما أحدث محدث بدعة إلا ترك بها سنة، المغبون من غبن دينه، والمغبون من خسر نفسه، وإن الربا من الشرك، وإن الاخلاص من العمل والايمان، ومجالس اللهو تنسي القرآن ويحضرها الشيطان، وتدعو إلى كل غي، ومجالسة النساء تزيغ القلوب وتطمح إليه الابصار، وهي مصائد الشيطان، فأصدقوا الله فإن الله مع من صدق وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب للايمان ألا إن الصدق على شرف منجاة وكرامة، وإن الكذب على شرف ردئ وهلكة، ألا وقولوا الحق تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم، وصلوا أرحام من قطعكم وعودوا بالفضل على من حرمكم، وإذ عاهدتم فأوفوا، وإذا حكمتم فاعدلوا، ولا تفاخروا بالآباء، ولا تنابزوا بالألقاب، ولا تمازحوا، ولا يغضب بعضكم بعضا، وأعينوا الضعيف والمظلوم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وارحموا الأرملة واليتيم، وأفشوا السلام وردوا التحية على أهلها بمثلها أو بأحسن منها * (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) * [المائدة: 2] وأكرموا الضيف، وأحسنوا إلى الجار، وعودوا المرضى، وشيعوا الجنائز، وكونوا عباد الله إخوانا، أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع (1)، وإن الآخرة قد أظلت وأشرفت باطلاع، وان المضمار (2) اليوم وغدا السباق وإن السبقة (3) الجنة والغاية النار، ألا وإنكم في أيام مهل من ورائها أجل يحثه عجل، فمن أخلص لله
(٣٤١)