عمرو بن جرموز فقتله ويقال بل أدركه عمرو بواد يقال له وادي السباع وهو نائم في القائلة فهجم عليه فقتله وهذا القول هو الأشهر، ويشهد له شعر امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل وكانت آخر من تزوجها وكانت قبله تحت عمر بن الخطاب فقتل عنها وكانت قبله تحت عبد الله بن أبي بكر الصديق فقتل عنها فلما قتل الزبير رثته بقصيدة محكمة المعنى فقالت:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غر معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش الجنان ولا اليد ثكلتك أمك أن ظفرت بمثله * ممن بقي ممن يروح ويغتدي (1) كم غمرة قد خاضها لم يثنه * عنها طرادك يا بن فقع العردد (2) والله ربي إن قتلت لمسلما * حلت عليك عقوبة المتعمد ولما قتله عمرو بن جرموز فاجتز رأسه وذهب به إلى علي ورأى أن ذلك يحصل له به حظوة عنده فاستأذن فقال علي: لا تأذنوا له وبشروه بالنار، وفي رواية أن عليا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بشر قاتل ابن صفية بالنار " ودخل ابن جرموز ومعه سيف الزبير فقال علي: إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال إن عمرو بن جرموز لما سمع ذلك قتل نفسه، وقيل بل عاش إلى أن تأمر مصعب بن الزبير، على العراق فاختفى منه، فقيل لمصعب: إن عمرو بن جرموز هاهنا مختف، فهل لك فيه؟ فقال: مروه فليظهر فهو آمن، والله ما كنت لأقيد للزبير منه فهو أحقر من أن أجعله عدلا للزبير، وقد كان الزبير ذا مال جزيل وصدقات كثيرة جدا، لما كان يوم الجمل أوصى إلى ابنه عبد الله فلما قتل وجدوا عليه من الدين ألفي ألف ومائتا ألف فوفوها عنه، وأخرجوا بعد ذلك ثلث ماله الذي أوصى به ثم قسمت التركة بعد ذلك فأصاب كل واحدة من الزوجات الأربع من ربع الثمن ألف ألف ومائتا ألف (3) درهم، فعلى هذا يكون مجموع ما قسم بين الورثة ثمانية وثلاثين ألف ألف وأربعمائة ألف والثلث الموصى به تسعة عشر ألف ألف ومائتا ألف فتلك الجملة سبعة وخمسون ألف ألف وستمائة ألف والدين المخرج قبل ذلك ألفا ألف ومائتا ألف فعلى هذا يكون جميع ما تركه من الدين والوصية والميراث تسعة وخمسين ألف ألف وثمانمائة ألف وإنما نبهنا على هذا لأنه وقع في صحيح البخاري ما فيه نظر ينبغي أن ينبه له. والله أعلم.
وقد جمع ماله هذا بعد الصدقات الكثيرة والمآثر الغزيرة مما أفاء الله عليه من الجهاد ومن خمس الخمس ما يخص أمه منه، ومن التجارة المبرورة من الخلال المشكورة، وقد قيل إنه كان له