ورواه غير ليث عن طاوس عن ابن عباس عن علي نحوه. وقال حبيب بن أبي العالية عن مجاهد عن ابن عباس. قال: قال علي إن شاء الناس حلفت لهم عند مقام إبراهيم بالله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني، وقد روي من غير وجه عن علي بنحوه (1). وقال محمد ابن يونس الكديمي: ثنا هارون بن إسماعيل ثنا قرة بن خالد عن الحسن عن قيس بن عباد.
قال: سمعت عليا يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحيي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأستحيي ممن تستحي منه الملائكة " (2) وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس يسألوني البيعة فقلت: اللهم إني أشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزمة فبايعت. فلما قالوا: أمير المؤمنين كان صدع قلبي وأسكت نفرة من ذلك وقد اعتنى الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر يجمع الطرق الواردة عن علي أنه تبرأ من دم عثمان، وكان يقسم على ذلك في خطبه وغيرها أنه لم يقتله ولا أمر بقتله ولا مالا ولا رضي به، ولقد نهى عنه فلم يسمعوا منه. ثبت ذلك عنه من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث ولله الحمد والمنة. وثبت عنه أيضا من غير وجه أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى فيهم * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) * [الحجر: 47] وثبت عنه أيضا من غير وجه أنه قال: * (كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا) * [المائدة: 93] وفي رواية أنه قال: كان عثمان رضي الله عنه خيرنا وأوصلنا للرحم، وأشدنا حياء، وأحسننا طهورا، وأتقانا للرب عز وجل.
وروى يعقوب بن سفيان عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن مجالد عن عمير بن رودى (كذا) أبي كثير. قال: خطب علي فقطع الخوارج عليه خطبته فنزل فقال: إن مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة، أحمر وأبيض وأسود، ومعهم في أجمة أسد، فكان كلما أراد قتل أحدهم منعه الآخران، فقال للأسود والأحمر: إن هذا الأبيض قد فضحنا في هذه الأجمة فخليا عنه حتى آكله، فخليا عنه فأكله، ثم كان كلما أراد أحدهما منعه الآخر فقال للأحمر: إن هذا الأسود قد فضحنا في هذه الأجمة، وإن لوني على لونك فلو خليت عنه أكلته فخلى عنه الأحمر فأكله، ثم قال للأحمر:
إني آكلك، فقال: دعني حتى أصيح ثلاث صيحات، فقال دونك، فقال: ألا إني إنما أكلت يوم أكل البيض ثلاثا فلو أني نصرته لما أكلت ثم قال علي: وإنما أنا وهنت يوم قتل عثمان، ولو أني نصرته لما وهنت قالها ثلاثا. وروى ابن عساكر من طريق محمد بن هارون الحضرمي عن سويد بن عبد الله القشيري القاضي عن ابن مهدي عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب. قال: كانت المرأة تجئ في زمان عثمان إلى بيت المال فتحمل وقرها وتقول: اللهم