أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفا ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة، فأما الحديث الذي قال عبد بن حميد في مسنده: ثنا يحيى بن إسحاق، ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن عفان (1) فقال له إن لي حائطين فاختر أيهما شئت، فقال: بارك الله لك في حائطيك، ما لهذا أسلمت، دلني على السوق، قال فدله فكان يشتري السمنة والأقيطة والإهاب، فجمع فتزوج فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " بارك الله لك أولم ولو بشاة " قال فكثر ماله حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر وتحمل الدقيق والطعام، قال: فلما دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رجة، فقالت عائشة: ما هذه الرجة؟ فقيل لها عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف سبعمائة تحمل البر والدقيق والطعام. فقال عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يدخل عبد الرحمن بن عوف الجنة حبوا " فلما بلغ عبد الرحمن ذلك قال: أشهدك يا أمه أنها بأحمالها وأحلاسها وأقتابها في سبيل الله. وقال الإمام أحمد:
ثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا عمارة - هو ابن زاذان - عن ثابت عن أنس قال: بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتا في المدينة قالت: ما هذا؟ قالوا عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل كل شئ - قال وكانت سبعمائة بعير - قال فارتجت المدينة من الصوت، فقالت عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا " (2) فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال: لئن استطعت لأدخلها قائما، فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله.
فقد تفرد به عمارة بن زاذان الصيدلاني وهو ضعيف. وأما قوله في سياق عبد بن حميد: إنه آخى بينه وبين عثمان بن عفان، فغلط محض مخالف لما في صحيح البخاري من أن الذي آخى بينه وبينه إنما هو سعد بن الربيع الأنصاري رضي الله عنهما، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وراءه الركعة الثانية من صلاة الفجر في بعض الاسفار، وهذه منقبة عظيمة لا تبارى. ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار - وكانوا مائة - فأخذوها حتى عثمان وعلي، وقال علي: اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها، وسبقت زيفها وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كثير حتى كانت عائشة تقول سقاه الله من السلسبيل. وأعتق خلقا من مماليكه ثم ترك بعد ذلك كله مالا جزيلا، من ذلك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال، وترك ألف بعير ومائة فرس، وثلاثة آلاف شاة ترعى بالبقيع، وكان نساءه أربعا فصولحت إحداهن من ربع الثمن بثمانين ألفا، ولما مات صلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص، ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة. وكان أبيض مشربا حمرة حسن الوجه، دقيق