بكر من أبويها، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل. فقال لهم عمرو: إن هذا مما لا يكون في الاسلام، إن الاسلام يهدم ما قبله. قال:
فأقاموا بؤنة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا، حتى هموا بالجلاء، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه: إنك قد أصبت بالذي فعلت، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي، فألقها في النيل. فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد، فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار، وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك " قال: فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم (1).
قال سيف بن عمر: وفي ذي القعدة من هذه السنة - وهي عنده سنة ست عشرة - جعل عمرو المسالح على أرجاء مصر، وذلك لان هرقل أغزا الشام ومصر في البحر. قال ابن جرير:
وفي هذه السنة غزا أرض الروم أبو بحرية عبد الله بن قيس العبدي - وهو أول من دخلها فيما قيل - فسلم وغنم وقيل أول من دخلها ميسرة بن مسروق العبسي. قال الواقدي: وفيها عزل عمر قدامة ابن مظعون عن البحرين، وحده في الشراب. وولى على البحرين واليمامة أبا هريرة الدوسي رضي الله عنه. قال: وفيها شكا أهل الكوفة سعدا في كل شئ، حتى قالوا: لا يحسن يصلي، فعزله عنها وولى عليها عبد الله بن عبد الله بن عتبان - وكان نائب سعد - وقيل بل ولاها عمرو بن ياسر. وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن عبد الملك سمعه من جابر بن سمرة. قال: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر فقالوا: إنه لا يحسن يصلي، قال الأعاريب؟ والله ما آلو بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، أردد في الأوليين واصرف في الأخيرين. فسمعت عمر يقول:
كذا الظن بك يا أبا إسحاق. وفي صحيح مسلم أن عمر بعث من يسأل عنه أهل الكوفة فأثنوا خيرا إلا رجلا يقال له: أبو سعدة قتادة بن أسامة قام فقال: أما إذ أنشدتنا فإن سعدا لا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية، ولا يخرج في السرية. فقال سعد: اللهم إن كان عبدك هذا قام مقام رياء وسمعة، فأطل عمره وأدم فقره وعرضه للفتن. فأصابته دعوة سعد - فكان شيخا كبيرا يرفع حاجبيه عن عينيه، ويتعرض للجواري في الطرق فيغمزهن، فيقال له في ذلك، فيقول: شيخ كبير مفتون أصابته دعوة سعد. وقد قال عمر في وصيته - وذكره في الستة " فإن أصابت الامرة سعدا فذاك، وإلا فليستعن به أيكم ولى، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة. قال: وفيها أجلى عمر يهود خيبر عنها إلى أذرعات وغيرها، وفيها أجلى عمل يهود نجران منها أيضا إلى الكوفة، وقسم خيبر، ووادي القرى، ونجران بين المسلمين. قال: وفيها دون عمر الدواوين، وزعم