فأجمع علي علي ذلك وخرج فعبر الجسر وسار إليهم فلقيه منجم في مسيره فأشار عليه أن يسير وقتا من النهار فقال له إن أنت سرت في غيره لقيت أنت وأصحابك ضرا شديدا فخالفه علي وسار في الوقت الذي نهاه عنه فلما فرغ من أهل النهر حمد الله وأثني عليه ثم قال لو سرنا في الساعة التي أمر بها المنجم لقال المنجم الذين لا يعلمون شيئا سار في الساعة التي أمر بها المنجم فظفر وكان المنجم مسافر بن عفيف الأزدي.
فأرسل علي إلى أهل النهر أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم أقتلهم بهم ثم أنا تارككم وكاف عنكم حتى ألقي أهل المغرب فلعل الله يقبل بقلوبكم ويردكم إلى خير مما أنتم عليه من أمركم فقالوا كلنا قتلهم وكلنا مستحل لدمائكم ودمائهم وخرج إليهم قيس بن سعد بن عبادة فقال لهم عباد الله أخرجوا إلينا طلبتنا منكم وادخلوا في هذا الأمر الذي خرجتم منه وعودوا بنا إلى قتال عدونا وعدوكم فإنكم ركبتم عظيما من الأمر تشهدون علينا بالشرك وتسفكون دماء المسلمين! فقال له عبد الله بن شجرة السلمي إن الحق قد أضاء لنا فلسنا متابعيكم أو تأتونا بمثل عمر فقال ما نعلمه [فينا] غير صاحبنا فهل تعلمونه فيكم قالوا لا قال نشدتكم الله في أنفسكم أن تهلكوها فإني لا أرى الفتنة إلا وقد غلبت عليكم.
وخطبهم أبو أيوب الأنصاري فقال عباد الله إنا وأياكم علي الحال الأولي التي كنا عليها ليست بيننا وبينكم عداوة فعلام تقاتلوننا فقالوا إنا لو تابعناكم اليوم حكمتم غدا. قال فإني أنشدكم الله أن تعجلوا فتنة العام مخافة ما يأتي في القابل وأتاهم علي فقال أيتها العصابة التي أخرجها عداوة المراء واللجاجة! وصدها عن الحق الهوى وطمع بها النزق وأصبحت في الخطب العظيم!