لمسلم أحب إلي مما حوت الروم. وإياك أن تعرض إلي، فقد علمت ما لقي العلاء مني.
قال: وترك ملك الروم الغزو، وكاتب عمر وقاربه، وبعثت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب زوج عمر بن الخطاب إلى امرأة ملك الروم بطيب وشئ يصلح للنساء مع البريد فأبلغه إليها، فأهدت امرأة الملك إليها هدية منها عقد فاخر، فلما رجع البريد أخذ عمر ما معه ونادى الصلاة جامعة فاجتمعوا، وأعلمهم الخبر. فقال القائلون: هو لها بالذي كان لها وليست امرأة الملك بذمة فتصانعك [به، ولا تحت يدك فتتقيك]. وقال آخرون: قد كنا نهدي لنستثيب فقال عمر: لكن الرسول رسول، المسلمين والبريد بريدهم، والمسلمون عظموها في صدرها. فأمر بردها إلى بيت المال، وأعطاها بقدر نفقتها.
فلما كان زمن عثمان كتب إليه معاوية يستأذنه في غزو البحر مرارا، فأجابه عثمان بأخرة إلى ذلك وقال له: لا تنتخب الناس ولا تقرع بينهم خيرهم فمن اختار الغزو طائعا فاحمله وأعنه ففعل، واستعمل عبد الله بن قيس الجاسي حليف بني فزاوة، وسار المسلمون من الشام إلى قبرس، وسار إليها عبد الله بن سعد من مصر فاجتمعوا عليها فصالحهم أهلها على جزية سبعة آلاف دينار كل سنة يؤدون إلى الروم مثلها لا يمنعهم المسلمون عن ذلك، وليس على المسلمين منعهم ممن أرادهم ممن وراءهم، وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوهم من الروم إليهم، ويكون طريق المسلمين إلى العدو عليهم.
قال جبير بن نفير: ولما فتحت قبرس ونهب منها السبي نظرت إلى أبي الدرداء يبكي فقلت: ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام وأهله قال: فضرب منكبي بيده وقال: ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره بينما هي أمة