عليه، فأنطلق وانطلقت معه نهرول حتى انتهينا إليها. فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئا فجعل يقول لها: ذري علي وأنا أحرك لك. وجعل ينفخ تحت القدر، وكان ذا لحية عظيمة، فجعلت أنظر إلى الدخان من خلل لحيته حتى أنضج، ثم أنزل القدر فأتته بصحفة فأفرغها [فيها]، ثم قال: أطعميهم وأنا اسطح لك، فلم يزل حتى شبعوا، ثم خلى عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه فجعلت تقول: جزاك الله خيرا أنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين! فيقول: قولي خيرا فإنك إذا جئت أمير المؤمنين وجدتني هناك إن شاء الله! لم تنحى ناحية، ثم استقبلها وربض لا يكلمني حتى رأى الصبية يضحكون ويصطرعون ثم ناموا وهدأوا، فقام وهو يحمد الله فقال: يا أسلم الجوع أسهرهم وأبكاهم فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت منهم:
(صرار بكسر الصاد المهملة ورائين).
قال سالم بن عبد الله بن عمر: وكان عمر إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا وإن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأقسم بالله لا أجذ أحدا [منكم] فعله إلا أضعفت عليه العقوبة. قال سلام بن مسكين: وكان عمر إذا احتاج أتن صاحب بيت المال فاستقرضه فربما أعسر فيأتيه صاحب بيت المال يتقاضاه فيلزمه فيحتال له عمر، وربما خرج عطاؤه فقضاه.
قال: وهو أول من دعي بأمير المؤمنين وذلك أنه لما ولي قالوا له: يا خليفة خليفة رسول الله فقال عمر: هذا أمر يطول، كلما جاء خليفة قالوا: يا خليفة