ينتظر الخيل اجتمع إليه الناس وفيهم عروة فأقبل علي ابن زياد يعظه وكان مما قال له: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين) فلما قال ذلك ظن ابن زياد أنه لم يقل ذلك إلا ومعه جماعة فقام وركب وترك رهانه فقيل لعروة ليقتلنك فاختفى فطلبه ابن زياد فهرب وأتى الكوفة فأخذ وقدم به علي ابن زياد فقطع يديه ورجليه وقتل ابنته.
وأما أخوه أبو بلال مرداس فكان عابدا مجتهدا عظيم القدر في الخوارج وشهد صفين مع علي فأنكر التحكيم وشهد النهروان مع الخوارج وكانت الخوارج كلها تتولاه ورأي علي ابن عامر قباء أنكره فقال هذا لباس الفساق فقال أبو بكرة لا تقل هذا للسلطان فإن من أبغض السلطان أبغضه الله وكان لا يدين بالاستعراض ويحرم خروج النساء ويقول لا نقاتل إلا من قاتلنا ولا نجبي إلا من حمينا.
وكانت البثجاء امرأة من بني يربوع تحرض علي ابن زياد وتذكر تجبره وسوء سيرته وكانت من المجتهدات فذكرها ابن زياد فقال لها أبو بلال إن التقية لا بأس بها فتغيبي فإن هذا الجبار قد ذكرك قالت أخشى أن يلقي أحد بسببي مكروها فأخذها ابن زياد فقطع يديها ورجليها فمر بها أبو بلال في السوق فعض علي لحيته وقال أهذه أطيب نفسا بالموت منك يا مرداس ما ميتة أموتها أحب إلى من ميتة البثجاء! ومر أبو بلال ببعير قد طلي بقطران فغشي عليه ثم أفاق فتلا (سرابيلهم من قطران وتغشي وجوههم النار).
ثم إن ابن زياد ألح في طلب الخوارج فملأ منهم السجن وأخذ الناس