فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت يا مروان يا مروان فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه فقالت أنت القائل لعبد الرحمن أنه نزل فيه القرآن كذبت والله ما هو ولكنه فلان بن فلان ولكنك أنت فضض من لعنة نبي الله.
وقام الحسين بن علي فأنكر ذلك وفعل مثله ابن عمر وابن الزبير فكتب مروان بذلك إلى معاوية وكان معاوية قد كتب إلى عماله بتقريظ يزيد ووصفه وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة فقال محمد بن عمرو لمعاوية إن كل راع مسؤول عن رعيته فانظر من تولي أمر أمة محمد فأخذ معاوية بهر حتى جعل يتنفس في يوم شات ثم وصله وصرفه وأمر الأحنف أن يدخل علي يزيد فدخل عليه فلما خرج من عنده قال له كيف رأيت ابن أخيك قال رأيت شبابا ونشاطا وجلدا ومزاحا.
ثم أن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهري لما اجتمع الوفود عنده إني متكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد وتحثني عليها فلما جلس معاوية للناس تكلم فعظم أمر الاسلام وحرمه الخلافة وحقها وما أمر الله به من طاعة ولاة الأمر ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة وعرض ببيعته فعارضه الضحاك فحمد الله وأثني عليه ثم قال يا أمير المؤمنين إنه لا بد للناس من وال بعدك وقد بلونا الجماعة والألفة فوجدناهما أحقن للدماء وأصلح للدهماء وآمن للسبل وخيرا في العاقبة والأيام عوج رواجع والله كل يوم هو في شأن ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه وقصد سيرته علي ما علمت وهو من أفضلنا علما وحلما وأبعدنا رأيا فوله عهدك واجعله لنا علما بعدك ومفزعا نلجأ إليه ونسكن في ظله.