هذا جميع ما ذكره أبو جعفر في استلحاق معاوية نسب زياد ولم يذكر حقيقة الحال في ذلك إنما ذكر حكاية جرت بعد استلحاقه وأنا أذكر سبب ذلك وكيفيته فإنه من الأمور المشهورة الكبيرة في الإسلام لا ينبغي إهمالها.
وكان ابتداء حاله أن سمية أم زياد كانت لدهقان زندورد بكسكر فمرض الدهقان فدعا الحارث بن كلدة الطبيب الثقفي فعالجه فبرئ فوهبه سمية فولدت عند الحارث أبا بكرة واسمه نفيع فلم يقر به ثم ولدت نافعا فلم يقر به أيضا فلما نزل أبو بكرة إلى النبي حين حصر الطائف قال الحارث لنافع أنت ولدي وكان قد زوج سمية من غلام له اسمه عبيد وهو رومي فولدت له زيادا.
وكان أبو سفيان بن حرب سار في الجاهلية إلى الطائف فنزل علي خمار يقال له أبو مريم السلولي وأسلم أبو مريم بعد ذلك وصحب النبي فقال أبو سفيان لأبي مريم قد اشتهيت النساء فالتمس لي بغيا فقال له هل لك في سمية فقال هاتها علي طول ثديها وذفر بطنها فأتاه بها فوقع عليها فعلقت بزياد ثم وضعته سنة إحدى من الهجرة فلما كبر ونشأ استكتبه أبو موسى الأشعري لما ولي البصرة ثم أن عمر بن الخطاب استكفى زيادا أمرا فقام فيه مقاما مرضيا فلما عاد إليه حضر وعند عمر المهاجرون والأنصار فخطب خطبة لم يسمعوا بمثلها فقال عمرو بن العاص لله هذا الغلام لو كان أبوه من قريش لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان وهو حاضر ووالله إني لأعرف أباه ومن وضعه في رحم أمه فقال علي يا أبا سفيان اسكت فإنك لتعلم أن عمر لو سمع هذا القول منك لكان إليك سريعا.
فلما ولي علي الخلافة استعمل زيادا علي فارس فضبطها وحمي قلاعها واتصل الخبر بمعاوية فساءه ذلك وكتب إلى زياد يتهدده ويعرض له بولادة